أسامة شحادة - المصريون 13/4/2010
يتفق الجميع على أن إسرائيل تمر حالياً بمرحلة عزلة وتوتر مع حلفائها تكاد تكون الأصعب من مثيلاتها السابقات وإن كانت نادرة الحدوث أصلاً، ولقد لخص تصريح الملك عبدالله الثاني: "نتنياهو جعل إسرائيل أكثر عزلة من كوريا الشمالية" حقيقة الأزمة التي تمر بها إسرائيل حالياً، ومثل هذا التصريح أشد على إسرائيل من مئات الصواريخ التي تطلق عليها.
لكن بحسب التجربة التاريخية مع إسرائيل فإنها سرعان ما تتخلص من مأزقها من خلال المساعدات "المجانية" أو "الغبية" أو "العميلة"، والتي يقوم بها من يظن أنه يحسن صنعاً!!
ففي كل مرة نصل فيها لتعرية إسرائيل وحصارها يتطوع البعض لفك عزلتها وقلب الطاولة فنصبح نحن المعتدين وإسرائيل الضحية، ويساعدها في ذلك إعلامها الخبيث بذكاء، وإعلامنا الغبي بامتياز!!
ما نتمناه هو أن تتواصل عزلة إسرائيل بما يحقق لنا مصالحنا، ونستعيد جزءاً من حقنا وأرضنا على أقل تقدير.
مقال الأستاذ خالد الحروب "إسرائيل تستجدي صواريخ «حماس» لتهرب من أوباما" يكشف بوضوح عن هذه الخدمات والمساعدات، ومعلوم أن خالد الحروب ليس من أعداء الحركة الإسلامية أو حماس بل هو من أبنائها وقادتها السابقين وإن كان اختط مسارا جديداً عنها.
مما يعطل مسيرة تحرير فلسطين واستعادة الأقصى هو الجنود المجهولون الذين يعملون لإسرائيل في صفوفنا، وأخطاؤنا المتكررة التي تستفيد منها إسرائيل دوما، وعجزنا وتفرقنا المدمر.
هذه فرصة جيدة لنرقب الوضع ونكشف الطرف الذي سيمد يد المساعدة لإسرائيل للخروج من عزلتها، ولكن ذلك سيكون مصحوباً بضجيج شعارات المقاومة وصيحات التهديد والوعيد، ودوي الانفجارات العبثية والضربات القاتلة لمصالحنا!!
ويمكن توقع بعض هذه المساعدات على النحو التالي:
1- إيران: ستصعد من لهجة التحدي لأمريكا وإسرائيل مما يدفع أمريكا للانشغال بها بدلا من إسرائيل، أو قد تعمل على إثارة بعض المجموعات لافتعال مواجهة مع إسرائيل في لبنان أو غزة أو حتى في الضفة، مما يفك الضغط الأمريكى عن إسرائيل ويقلبه إلى دعم ومساندة!!
2- حزب الله: ذكرنا أن إيران قد تحرضه على افتعال مواجه تلهي عن إسرائيل، أو قد يقوم بتحركات مربكة للساحة اللبنانية بدعوى زجه في محكمة الحريري وجعلها ساتر دخان يغطي على عزلة إسرائيل.
3- القاعدة: معلوم أن القاعدة ليس لها تواجد قوى في فلسطين ولبنان، لكن لوحظ في الفترة الأخيرة تصعيد إعلامي لدورها، ففي غزة تبنى التنظيم إطلاق بعض الصواريخ، وأعلن عن نجاحه في إطلاق صواريخ من جنوب لبنان رغماً عن حزب الله!!
فهل تحرض هذه المجموعات - التي لا خطام لها ولا زمام – لتفجر أزمة تصرف التركيز عن إسرائيل؟؟ أم تقوم القاعدة بعملية ضخمة خارج إسرائيل تحديدا وتكون موجهة للمصالح الأمريكية والأوروربية على وجه الخصوص، لتعيد ترتيب الأولويات السياسية والأمنية في المنطقة بما يناسب إسرائيل، ويجعل من إسرائيل مطلقة اليدين في التخريب والاستيطان والعدوان بحجة حاجتها للأمن؟
4- المنظمات الفلسطينية: هذه المنظمات يكاد يكون دورها ثانويا في السنوات الأخيرة، لكن يلاحظ وجود تحركات وتحالفات وتصريحات ملفتة للنظر مؤخراً، وما يجري في المخيمات الفلسطينية في لبنان مؤشر على شيء قادم ربما.
5- حماس: وهي تمارس دورين دور الحكومة في غزة، ودور المعارضة في الضفة والخارج، ومن الملاحظ أن سياستها الحكومية تشهد نوعا من الانضباط والتوازن، لكن هل يستمر هذا الحال؟ أم تخرج الأمور عن السيطرة سواء بدافع ذاتي أم بتحريض خارجي؟
قد نكون قصرنا في حصر توقعاتنا بهذه الأطراف، وهناك احتمال أن يكون الحدث شيئا مركبا من هذه التوقعات، ولكنه لا يخرج عن تقديم هدية مجانية لإسرائيل!
الأيام المقبلة ستكشف الحقائق، وعندها يجب كشف الفاعلين ودوافعهم على رؤوس الأشهاد حتى لا نبقي ندور في دوائر مفرغة كلما أنجزنا شيئاً أضعناه وذهب أدراج الرياح وبعد ذلك نصفق لمن أضاعه!!!