جولة الصحافة\العدد الثالث والثمانون - جمادى الأولى 1431 هـ
هل يهدد النظام الايراني اسرائيل فعلا ً؟
السبت 10 أبريل 2010

داود البصري - ايلاف 7/4/2010

 

تعيش منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط حالة حقيقية من الهرجلة والتوتر مع إنتعاش سوق رفع الشعارات الحماسية والثورية التي لم تنقطع منذ عقود طويلة ولكنها اليوم في أشد حالاتها تأزما وصيرورة، فالخلاف الشديد حول الملف النووي الإيراني الذي يشهد حالات واضحة من المد والجزر بشأن التعاطي الدولي مع ذلك الملف، بين طرف يرفع العصا و يطلق الإشارات الحمراء، و بين أطراف مهادنة تحاول إمساك العصا من النصف وتترك الخيارات المستقبلية مفتوحة النهايات قد رسمت علامات واضحة من حالات عدم الإستقرار الإقليمي خصوصا وأن تمدد الدور الإيراني ستراتيجيا لمواقع خليجية وعربية مهمة قد رسم ظلالا قاتمة حول مستقبل المنطقة بشكل عام خصوصا بعد أن وضعت القيادات الفلسطينية الكثير من بيضها الفاسد أصلا في السلة الإيرانية وهي سلة كما أثبتتها التجارب القريبة والبعيدة ليست مليئة بالمن والسلوى والحلول الناجعة بل بمختلف ألوان وأصناف وأشكال الثعابين السامة، ولعل قوافل الدعاة من الكتاب والمثقفين والمنظرين للدور الإيراني من الإعلاميين باتت اليوم تمثل الرمح الإيراني المتقدم في الشرق ألأوسط، فمثلا ما فتأ أحدهم من الذي يحمل عنوان ( الأمين العام لمنتدى الحوار العربي/الإيراني ) الذي لا نعرف له مقرا ولا عنوانا ولا هوية آيديولوجية وفكرية واضحة من التبشير ببراءة وعذوبة وروعة الدور الإيراني في العالم العربي!! وهي أقوال ودعوات وتخرصات تثير التأمل الممزوج بالسخرية المرة من الصدأ الذي يغلف بعض العقول التي تتصور بأن للنظام الإيراني فائدة ستراتيجية حقيقية أو كونه سند ستراتيجي للقضايا العربية؟ كنا نتمنى هذا الدور فعلا من الجار الإيراني المسلم والشعب الإيراني العزيز والصديق والذي تربطنا معه روابط تاريخية وإنسانية وحضارية هي الأقوى، و لكن للأسف طبيعة السياسة الإيرانية و حصادها المر خلال العقود الثلاث المنصرمة من الزمن الإقليمي النازف لا تسمح أبدا بأي تفاؤل حقيقي بدور إيراني مساند وقوي للأمة العربية وقضاياها الساخنة والملتهبة، فقضية فلسطين مثلا وهي ألأهم والتي دخل النظام الإيراني على خطها من خلال الشعارات منذ ايامه ألأولى لم يستطع هذا النظام رغم كل جوانب القوة التي يمتلكها من أن يحدث إنعطافة حقيقية في مساراتها بل العكس هو الصحيح تماما، ففي عز الهجمة الإسرائيلية على المقاومة الفلسطينية في بيروت خلال الغزو الإسرائيلي في صيف عام 1982 كان النظام الإيراني وآلته العسكرية وفرق باسيجه و متطوعيه مشغولة بالكامل ليس في تحرير القدس و لا في ردع الآلة العسكرية الإسرائيلية ومنعها من تدمير لبنان والمقاومة الفلسطينية والجيش السوري الذي كان في بيروت وقتها! بل كان مشغولا بـ ( فتح كربلاء ) وبتحشيد الحشود المليونية لإجتياح العراق وخصوصا البصرة في معارك تموز/ يوليو 1982 والتي كانت معارك دموية مرعبة ومخيفة كلفت شعبي العراق وإيران آلاف الضحايا في معارك عبثية لا طائل لها سوى عبر شعار (طريق القدس يمر من كربلاء )!! وهو شعار غوغائي وسخيف يعني أن الجيوش الإيرانية ستصل للقدس ولكن بعد إبادة الجيوش العربية!! هذا التاريخ المرعب لا يمكن أن ينسى أو يمحى من الذاكرة، وقتذاك كانت قوات شارون تضرب بكل قسوة في بيروت والمدن اللبنانية بينما كانت المدافع والصواريخ الإيرانية تدك أهدافها المدنية في البصرة مخلفة الدمار و الموت، وطبعا لم يتسن للجيوش الإيرانية كسب المعارك ولم تتقدم بوصلة نحو القدس !!

بعد ذلك التاريخ جرت الحرب سجالا وأنتهت وفقا للطريقة المعروفة، ومع ذلك لم يفعل النظام الإيراني شيئا لوقف التمدد والزحف العسكري الإسرائيلي في لبنان خصوصا الذي شهد حربا تدميرية في صيف 2006 كانت الجيوش الإيرانية غائبة عن الساحة رغم أن قيادات الحرس الثوري متواجدة في دمشق وكانت تتفرج على مصارع الشعب اللبناني وتدمير بنيته التحتية!

إن الأهداف الستراتيجية الإيرانية تتمحور بين محوري كابول وبغداد فالمجالات الحيوية الإيرانية هناك وكل حديث عن صراع حقيقي مع إسرائيل هو مجرد هرطقة ودعايات بائسة للنصب و الإحتيال والضحك على الذقون، لقد هاج الإيرانيون وماجوا لمجرد ذكر كلمة ( الخليج العربي ) وهددوا بالويل والثبور دول المنطقة بسبب تلك الكلمة كما حركوا زعانفهم وأدواتهم السرية و العلنية وخلاياهم النائمة في دول الخليج العربي إنتظارا لليوم الموعود وهو طبعا ليس يوم الهجوم على إسرائيل بل يوم الهجوم على الأهداف الخليجية العربية حين تحين ساعة المواجهة المؤجلة مع الغرب، لاشيء في السياسة و الستراتيجية الإيرانية الموجهة للعالم العربي يدعو للتفاؤل فالدور السلبي الإيراني في العراق قد جعل من ذلك البلد العربي الذي كان قويا ذات يوم ملعبا بائسا لغلمان النظام الإيراني بعد أن تعاون الإحتلالان الأمريكي و الإيراني في تهشيم العراق داخليا وبنيويا وجعله أرضا يبابا تحولت طبقته السياسية الجديدة للأسف لعاملة في بلاط الولي الإيراني الفقيه وحيث يتسابق أقطابها جهرا وعلانية لنيل الرضا الهمايوني الإيراني فخرج العراق من حاضنة القوة العربية وتحول لعبء ستراتيجي إقليمي بدلا من أن يكون لاعبا إقليميا مهما، فصندوق العفاريت العراقي تتحكم طهران اليوم بكل شياطينه، و أعتقد أن حقائق الصراع الإقليمي لا يمكن أبدا أن تؤسس لأي مواجهة حقيقية بين النظام الإيراني وإسرائيل.. لأن ذلك خارج سيناريوهات لعبة الأمم المخادعة، النظام الإيراني له دور إستنزافي تخويفي محدد في منطقة الخليج العربي وهو ليس في وارد إطلاق رصاصة واحدة على إسرائيل بل إطلاق الكلمات و الوعود ونشر الروايات الخرافية والميتافيزيقية !! و لا يوجد أي إمكانية مستقبلية لتغيير محاور اللعبة الدولية و الإقليمية، المواجهة العسكرية الإيرانية الإسرائيلية من المستحيلات كالغول و العنقاء.. والخل الإيراني الوفي!!

و من لا يصدق فليقرأ المشهد الإقليمي وستكشف أمامه المغاليق و الأسرار، و أي رهان على خلاف ذلك هو مجرد مراهنة على تقوى إبليس... تلك هي الحقيقة العارية وبلا رتوش تجميلية، و مع ذلك سنظل نبحث عن عنوان منتدى الحوار العربي/ الإيراني.!

 

 
 
 
 
الاسم:  
عنوان التعليق: 
نص التعليق: 
أدخل الرموز التالية: