وموريتانيا ثاني بلد إفريقي انتشارا للمذهب الشيعي
المهدي بن لمرابط - موقع "أقلام" 23 /3/ 2010
حصل موقع "أقلام" حصريا من الزميلة "الأمل الجديد" علي حقوق النشر الالكتروني للمقابلة الأولي من نوعها مع من يوصف بأنه "الأب الروحي" لشيعة موريتانيا السيد بكار بن بكار المقيم في مقاطعة كرفور بانواكشوط في هذا الحوار الصحفي الذي يعد الأول من نوعه بعد اعتناقه للمذهب الشيعي في العام 2006.
الأمل الجديد: راج أخيرا في الأوساط الموريتانية نبأ قيامكم بنشاطات محمومة بهدف كسب أتباع للمذهب الشيعي في موريتانيا، ما حقيقة الأمر؟
السيد بكار بن بكار: هي ليست دعوة للمذهب الشيعي في موريتانيا، فجميع الموريتانيين يحبون الرسول صلى الله عليه وسلم وآله، ويعظمونهم وهذا هو التشيع بعينه، ورسول الله (ص) يقول: "إنه من شيعتنا من أحبنا وتخلق بخلقنا"، لذلك أنا أرى أن الموريتانيين شيعة بطبيعتهم وموروثهم، والدعوة للتشيع لن تزيدهم تشيعا.
انظر إلى المجتمع الموريتاني ومكوناته، تجد أنهم يمارسون مختلف العادات الموروثة عن الشيعة، ومن هذه العادات الزي الأسود عند المرأة الموريتانية، والعمامة السوداء فوق الثوب الأبيض عند الرجل إلى آخره من العادات المتجذرة في المجتمع الموريتاني في أيام عاشوراء وغيرها.
وما أقوم به من نشاطات لا يعدو كونه مجرد العمل على العودة إلى مفاهيم المجتمع الأصلية وتقريبها، لأنك إذا رجعت إلى أصل الخلاف داخل الأمة الإسلامية وجدت أن سببه كان سياسيا، "الخلاف على الخلافة".
وكانت السلطة التي تولت أمر المسلمين في ذلك الحين كأي سلطة أخرى تهتم بالرفع من شأنها علي حساب الطرف الآخر، مثلما نشاهده في واقعنا اليوم، حيث أن السلطة تجرم المعارضة والعكس صحيح. لذلك عندما نريد معرفة الحقائق علينا أن نبحث عند طرف محايد لإدراك الحقيقة.
الأمل الجديد: قلتم إنكم تسعون إلي تقريب المفاهيم، تري ما هي تلك المفاهيم؟
السيد بكار بن بكار: من المعلوم أن الأمة الإسلامية تنقسم اليوم إلي قسمين: أولا السنة ويشكلون الأغلبية، وثانيا الشيعة ويشكلون الآن أقلية.
فنحن إذا أمام مدرستين، مدرسة أهل السنة التي تقول أن كل ما فعله الصحابة هو من السنة، وإذا أردت فحص مفهوم الصحابة عندهم تجدهم يختلفون، هل الصحابة هم من سبق إسلامهم الهجرة، أم هم من أسلم بعد الهجرة أو من شهد جميع الوقائع مع الرسول صلى الله عليه وسلم، أم هو من عايش الرسول صلى الله عليه وسلم لسنتين أو شهرين أو حضر وفاته، في حين أن الشيعة لا يجدون لهذا التوجه أي أساس في الكتاب ولا في السنة. فمدرسة الشيعة تستند على ما ورد في الكتاب والسنة، وقد ورد في القرآن "إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويأتون الزكاة وهم راكعون" هذه الآية نزلت في حق علي رضي الله عنه، وقال صلى الله عليه وسلم: "أنا مدينة علم وعلي بابها، ومن أراد دخول المدينة فليأت من الباب".
وجاء في القرآن أيضا: " النبي أولي بالمؤمنين من أنفسهم"، وقال عليه السلام: "من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه".
ومن هنا أصبحت الموالاة والعصمة واجبة في حق علي كرم الله وجهه، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم زكاه.
وعندما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أظلت الخضراء ولا حملت الغبراء أصدق لهجة من أبى ذر"، يتضح منه أنه زكى أبا ذر وشهد له بالصدق، وأبو ذر هو الذي نشر المذهب الشيعي في لبنان عندما نفاه عثمان ابن عفان إلى أرض لا يوجد بها أي مسلم.
ومع أبي ذر كان من الشيعة الأوائل المقداد صاحب العبارة الشهيرة "فو الله لن نقول لك كما قالت بنو إسرائيل اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون... إلى نهاية المقولة"، ومنهم أيضا أبي بن كعب وعمار بن ياسر والعباس بن عبد المطلب وكل أبنائه، وسلمان من أهل البيت.
إذا، الشيعة نشأت في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم. والسؤال الذي يطرح نفسه هو متى نشأت مذاهب السنة؟ الإمام السادس جعفر الصادق هو الذي بث العلم، ومحمد الباقر هو من فجره، وهو الذي تتلمذ عليه 20 ألف طالب وتخرج على يديه في المدينة المنورة 4000 عالم، منهم أبو حنيفة النعمان الذي قتله أبو جعفر المنصور لأنه لم يعاد أهل البيت، وبعد ذلك أذن لهم بتدريس العلم.
وقد طلب هارون الرشيد من مالك بن أنس نشر مذهب ابن عباس حين قال له: "خذ من فقه عبد الله بن عباس لتجعل للناس منه مذهبا". ولم يكن مالك مناوئا للشيعة، بل كان يعظم أهل البيت.
ومن هنا يتضح أن السلطة كانت وراء تشجيع قيام المذاهب، ولما تكاثرت المذاهب في القرن الخامس الهجري، أصدر "بيبرس" المملوكي حاكم مصر مرسوما يحدد مذاهب أهل السنة في أربعة، ولم يكن يوما من الأيام هؤلاء الأئمة الأربعة مناوئين للشيعة ولا لآل البيت.
قال الإمام الشافعي:
إن كان رفضا حب آل محمد ..... فليشهد الثقلان أني رافضي
ومن المعروف أن الساحة الموريتانية تنشط فيها الآن فئتان لا تنتمي أي منهما إلى المذهب المالكي هما السلفية والوهابية، وهما في الأصل من أتباع أحمد بن حنبل.
الأمل الجديد: إلى أي من فرق الشيعة تنتمون؟
السيد بكار بن بكار: أول مذهب أسس في الإسلام هو المذهب الجعفري نسبة إلى جعفر بن علي بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، وإلى هذا المذهب أنتمى، والمذهب الجعفري هو المذهب الأساس للشيعة الإثني عشرية.
وهناك الشيعة الزيدية في اليمن ويدينون بمذهب الإمام محمد الباقر، والإسماعيلية الذين يتنمي إليهم العبيديون الفاطميون الذين ينتسبون إلى آل البيت عكس ما روجه عنهم الخصوم.
الأمل الجديد: ما هو أهم ما تدعون إليه؟
السيد بكار بن بكار: نحن الشيعة والسنة جميعا إخوة، والإسلام هو أيسر الأديان، فمن قال أشهد أن لا اله الله وأشهد أن محمدا رسول الله ضمنت له الجنة، فإن عمل خيرا زادت مكانته في الدنيا والآخرة وان عمل شرا عوقب على ذلك إن لم يتجاوز الله عنه.
والخلاف بين الطوائف الإسلامية، كما أسلفت، أصله سياسي لا عقائدي، والتشيع يتميز بحب رسول الله وآله والتخلق بخلقهم.
الأمل الجديد: ما هي حقيقة كونكم تسبون الصحابة رضوان الله عليهم؟
السيد بكار بن بكار: لن تجد عالما من علماء الشيعة يسب الصحابة لا أبا بكر ولا عمر ولا عائشة ولا عثمان نظرا لمكانتهم من رسول الله، ولكن قد تجد بعض عامة الشيعة يسبونهم لما يقال عنهم وعن فاطمة الزهراء.
الأمل الجديد: إلي أي المرجعيات الشيعية تتبع؟ ومني اعتنقت المذهب الشيعي؟ وما هو عدد الشيعة في موريتانيا؟
السيد بكار بن بكار: أنا ارتبط بالمرجعية "السيستانية"، وقد اعتنقت المذهب الشيعي في العام 2006، أما عدد الإتباع فموريتانيا تعتبر الدولة الإفريقية الثانية بعد نيجريا من حيث انتشار المذهب الشيعي.
الأمل الجديد: هل حقا أنكم قدمتم طلبا لإنشاء حسينية في موريتانيا؟
السيد بكار بن بكار: ليس صحيحا، وأؤكد أن ذلك الخبر لا أساس له من الصحة.
الأمل الجديد: قيل إن المهرجان المديحي الذي نظمته جمعيتكم المسماة "جمعية بكار للثقافة" مؤخرا يأتي ضمن نشاطاتكم للدعوة إلي المذهب الشيعي؟
السيد بكار بن بكار: هذا المهرجان يأتي ضمن أنشطتنا المناصرة للرسول صلي الله عليه وسلم لأنه خط أحمر بالنسبة لنا وليس من أجل نشر التشيع، إنما هو نشاط ثقافي شارك فيه كثير من فقهاء البلد ورعته وزارة الثقافة، ولو أنه كان فيه ما يمس النظم المعمول بها في البلد لما سمح به.