د. مصطفى صادق – موقع سنى نيوز 2/4/2010
كشفت أحداث العراق الدامية وما يجري لإخواننا السنة في إيران من قتل وتنكيل وتشريد لعلمائهم عن الوجه الكالح والقلوب الحاقدة التي تملأها الضغائن والكراهية لفئة كانت تمثل دوما خنجرا في ظهر الأمة المسلمة.
أجل! لم يكن وجه الشيعة الصفويين يوما ما غير ما وجدناه في العراق، لكننا نحن الذين ظللنا طوال القرون ندوس رؤوسنا في الرمال!
دعونا ولو للحظة نراجع حساباتنا ونرضى بالنقد الذاتي:
يا ترى! من الذي فتح المجال للشيعة الصفوية أن تغزوا بلادنا؟!...
لم كان الخميني إلى الأمس إماما لابد وأن يقتدى؟! ما الذي ستر عنا تكفيره للصحابة، ما الذي جعلنا لا نرى كلامه "إن عائشة وطلحة والزبير ومعاوية شر من الكلاب والخنازير"! وما الذي جعلنا لا نعي ما كان يقصده برفع أئمته على الأنبياء والملائكة؟ أو كل ذلك قاله الخميني أمس فقط؟!
أو ليست الحركة الإسلامية ـ بوجه عام ـ هي التي مهدت السبيل لهؤلاء الصفويين وقدم صورة ناصعة عنهم؟! أو ليس علمائنا الأفاضل ـ دامت بركاتهم ـ هم الذين رحبوا بهم في بلادنا؟!
يا ليت شعري! من الذي ساند حركة التقريب في مصر، ومصر لا شيعي فيه يومئذ، ألم يكن هؤلاء الأفاضل يدركون أن التقريب إن كان ولا بد، فلابد وأن يكون في إيران الذي ثلث شعبه من السنة ويعيشون الويلات، لا في مصر! وها نحن ندرك مغزى ما قصده القوم اليوم فقط، بعد أن تشيع مائة ألف من المصريين كما يزعمون؟!
أين كان هؤلاء العلماء الأفاضل يوم أن كانت الثورة الإيرانية تهتف "لابد من تحرير الحرمين من أيدي الوهابية النجسة؟!"، أين كانوا يوم أن رفعوا صور الخميني في الحرم وأفسدوا على الأمة حجّها؟!
ثم لم التركيز اليوم على النشاط الشيعي الصفوي في البلاد الإسلامية العربية فحسب؟!
أو يئست أمتنا عن مسلمي الفرس الذين هم أول من يقصدهم رماح الصفوية الحاقدة، فتركتهم كبش فداء! لماذا لا يتحدث علمائنا الأفاضل عن النشاط الشيعي في طاجكستان، ولماذا غفلوا عن ملايين الدولارات التي تصرف لشراء الذمم وتضليل الناس في أفغانستان؟
فإيران تحاول جاهدا أن تجعل الشعب الفارسي كتلة واحدة تعتنق المذهب الشيعي الصفوي التكفيري الحاقد في وجه الإسلام .
وهل نسيت أمتنا ورثة علماء الحديث والفقه وقادة العلم في بلاد إيران؛ أهل السنة الذين يشكلون ثلث سكان البلد؟! أم يئست منهم ، وأخيرا ضحت بهم!..
لاشك أن إيران قصدت هذا التوقيت في إثارة الفتنة المذهبية، ولم تكن الهجمة المخطط لها على الشيخ القرضاوي، ثم الشيخ العريفي، وقبلها قضية الحوثيين، و منع الحجاج الإيرانيين عن زيارة بيت رب العالمين، و أخيرا لعبة الإنتخابات العراقية، إلا من قبيل كشر الأنياب ومعرفة حجم المواجهة القادمة!
ولعلها نجحت في أن تجعل المعركة في البلاد العربية، فتنشغل الحركة الإسلامية بمعالجة الوضع هناك بلغة تغلب عليها الضعف، لرداءة موقف الحكومات العربية تجاه العدو الإسرائيلي، ولضعف الإعلام الإسلامي وقوّة الإعلام الإيراني الصفوي.
وفي المقابل تجد إيران نسخة كاملة في بث عقائدها الطائفية في البلاد غير العربية ولا سيما أفغانستان وطاجكستان وباكستان، ولاسيما وأنها نجحت بشكل كبير في تصوير الصراع وكأنها قضية طائفية، وساندها في ذلك بعض التصريحات الساذجة لبعض علمائنا الذين لم يزالوا يتحسرون على ذهاب الصدام، وقصرت رؤيتهم على العالم العربي فحسب!
ولعلي أجد نفسي محقا في أن أتساءل:
هل دعم الإيران للشيعة جريمة لابد وأن يحاسب عليها؟ أو ليس لإيران تطلعات استعمارية كغيرها من الدول، إلا أنها تتخذ سلاح المذهب. لم لا نعترض على دعم الدول النصرانية للنصارى في بلادنا؟!
لكن أين دعم المسلمين لإخوانهم من السنة وهم يعانون الويلات من الحكم الشيعي الصفوي الطائفي؟
أمن حقنا أن نلوم إيران إذا أنشأت عدة محطات عربية وفارسية لبث دعوتها وعقيدتها الصفوية؟! أو ليس النصارى يصنعون مثل هذا منذ أمد بعيد؟! و أليست محطاتنا العربية الرسمية كلها تبث الدعارة وتفسد أخلاق الناس فضلا عن عقائدهم؟!
لكن أين نحن من كل هذا؟ أين محطاتنا الفضائية لبث الحق بالعربية والفارسية وغيرها من اللغات؟!
فأقول بملئ في: ليست مشكلتنا إيران، ولا المذهب الشيعي الصفوي الحاقد؟!
إنما مشكلتنا في أنفسنا...
المذهب الشيعي ـ ولاسيما الصفوي منه ـ مذهب خرافي لا يقبله من له شيء من العقل، ولا يرضى به مؤمن قط.
فهو من بدايته يتعارض مع أدنى درجات التوحيد، ويناطح رسالة الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، ويطعن في أهل بيته، بل ويطعن في ختم النبوة كما يطعن في القرآن، وفي الجيل القرآني الذي رباه الرسول (صلى الله عليه وسلم).
وإنما يركز على تمثيل الدين في شخصية سيدنا علي المرتضى ومن بعده في ذرية سيدنا حسين من زوجته الفارسية! ثم البكاء والعويل واللطم والصراخ لتأجيج العواطف والمشاعر بغية نهب أموال الناس، وإقامة الأضرحة. فهذا هراء لا يمكن أن ينجح بحال من الأحوال إلا بين السذج والجهال من الناس فقط!
وأرى من الخطأ أن ينشغل الصف الإسلامي بالرد على الشيعة ونقض عقائدهم، وإنما ينبغي أن نثقف شعبنا المسلم، فالحمية غير من العلاج!
وقد آن للحركات الإسلامية أن تتحرر من الرؤية المصلحية والقطرية بعض الشيء، كما آن للحكومات أن تتدارك مصالحها مهما كانت عمالتها أو اتجاهها، فالغزو الصفوي لن يترك لهم كرسيا، كما أنه سيسلب الأمن من شعوبهم.
ما هو الحل:
من له أدنى صلة بالشعب الإيراني يدرك تماما ما يعانيه رجال الدين هناك، فقد خسر سدنة الدين الشارع الإيراني تماما، ولولا السيف المسلول على رقاب الناس لما أطاعهم الشعب لمحة بصر! وقد ارتد الشعب الإيراني عن كل مبادئه المصطنعة، فكل الشعارات الثورية التي يتسوق بها هواة الثورة البائسة في الخارج أصبحت غثاء لا قيمة لها في إيران، فالشعب الإيراني طوال الأعوام الماضية شاهد بأم عينيه كيف رجال الحكم ينهبون أرزاق الناس وحرياتهم ومصادر الدولة باسم الدين، فابتعدوا عن دينهم تماما واعتبروه ستارا للمكر والدجل، إلا فئة مثقفة عادوا إلى رشدهم فمنهم من يدعوا إلى الإسلام الأصيل على نهج آية الله البرقعي رحمه الله ، ومنهم من يدعوا إلى الرجوع للمذهب الشيعي العلوي ونبذ التشيع الصفوي الدموي، وكل هؤلاء يعيشون الويلات؛ من السجن والتعذيب بجوار إخوانهم من أهل السنة. ففي هذه الظروف خير ما يمكن أن يصنعه المجتمع الإسلامي حفاظا على نفسه أن يدعم دعاة التوحيد بكل إخلاص، وأن يستغل الجانب الإعلامي بشكل خاص.
فعدة قنوات فضائية باللغة الفارسية ومثلها بالعربية تدعوا إلى الله على بصيرة، دون تجريح أو طعن لكفيلة لتقلّب الأمر رأسا على عقب. بل وإن رزقت هذه القنوات الصدق والإخلاص وحسن التخطيط تستطيع أن تعيد إيران إلى التوحيد جملة واحدة.
وكذلك يحتاج الشيعة قبل الآخرين بأن يدركوا حقائق ما يجري بين رجال الدين عندهم، ومن أين لهم هذه الثروات الطائلة، وأن يعرفوا بعض الشيء عن أساليب النهب لدى رجال الدين و...
وكل هذا يمكن أن يقوم به الإعلام الصادق، وبالتالي يكشف سوءة هؤلاء التجار.
وأما بالنسبة إلى دعوة الشيعة وتصحيح مسارهم فبحمد الله ليسوا بحاجة إلى دعاة السنة، ففيهم من العلماء المصلحين والمهتدين ممن هداهم الله للتوحيد ما إن فتح المجال أمامهم ونشر كتبهم وترجمت إلى شتى اللغات وأبرزوا على شاشات الفضائيات يستطيعون أن يخاطبوا بني جلدتهم ويخرجوهم بإذن الله عز وجل من براثن البدع والشرك إلى نور الإيمان والتوحيد.
وكذلك لو وفر الكتاب الدعوي والإصلاحي، ولاسيما كتب المهتدين من الشيعة في شتى اللغات وكل البلاد بأسعار رخيصة ـ ولا توزع مجانا ـ وفي كتب المهتدين كفاية؛ إذ عدد العلماء الذين اهتدوا إلى الحق من شيعة الفرس والهند والعرب و... على مدى التاريخ ولا سيما التاريخ المعاصر يفوق الآلاف، ولكثير منهم كتب تستحق أن تترجم إلى كل لغات الأرض؛ أمثال كتب الإمام محسن الملك مهدي الهندي، وآية الله البرقعي الإيراني...
وبجانب هذا لابد أن نؤسس جامعات وكليات هنا وهناك لتربية الدعاة من كل الجنسيات ولا سيما الطاجيك والأفغان والإيرانيين ومن كل البلاد الإفريقية وأندونيسيا وماليزيا وكل بلاد العالم نربيهم على أساليب الدعوة ونزودهم بحقائق المذهب الشيعي الصفوي ونبصرهم بعقائدهم ومكائدهم...
ولكن لابد وأن ندرك بأن هذه الجهود لن تثمر إلا إذا طعمها أهلها بعنصري الإخلاص والصدق.
وليعرف الجميع بأن إيران لا تخاف المعارك والحروب، وإنما تخاف الحق وبث العلم، فمعارك السلاح تقويه وتجمع الشعب حول القادة، وقادة إيران يحرصون دوما على صناعة الحرب أو صناعة أجواء الحرب، ومن عاش في إيران يدرك جيدا ما أعنيه. لأن ذلك يضمن لهم الحياة ويطول في عمرهم. لكن صوت التوحيد والقرآن والصدق جدير بأن يذيب جليد أفكارهم وعقائدهم التي لا ترتكز على ركيزة من القرآن ولا من السنة ولا حتى من العقل السليم...
وأخيرا أقول لإخواني المصلحون لا تحقروا من المعروف شيئا، وليعمل كل بقدر طاقته، وإن كانت تربية داعية أو نشر كتاب أو مقالة... فالله ينمي الصدق ويربيه، وإن المرء قد ينطق بكلمة لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها في الجنة سبعين خريفا..