خالد أبو ظهر – الوطن العربي 11 /11/2009
مضت سنوات وإيران تشاغلنا بمشروعها النووي ، بينما تتمدد في الحقيقة في كل أنحاء العالم العربي، وهي تلعب في كل دولة تصل إليها بأدوات الحرب الأهلية والتوترات الداخلية بحيث باتت هذه الأدوات تحمل "العلامة التجارية الإيرانية".
وإذا ما بدأنا بلبنان لتوضَح لنا أن إيران أصبحت صاحبة الكلمة الوحيدة في كل شيء من السياسة إلى الأمن، وحتى بشار الأسد الذي كان يستخدم لبنان في لعبته التفاوضية مع العرب والغرب فقد أية قدرة على التأثير في هذا البلد، وخسر في النهاية أهميته للغرب والعالم وصار غير قادر على تلبية الشروط الغربية لتطبيع العلاقات معه، وتنطبق هذه الصورة أيضا على الملف الفلسطيني إذ أن سورية لم تعد تمسك بورقة حماس ولا بالمسار التفاوضي، وهكذا أصبحت هي نفسها من ضمن الأوراق الإيرانية، تماماً مثل حزب الله وحماس.
ويتزامن ذلك من قدرة تمدد إيران على التخريب في كثير من الدول العربية وتشعب محاولاتها لنشر شبكات التخريب من المغرب إلى البحرين، مروراً بالكويت والإمارات واليمن والعراق ولبنان ومصر.
وهذه القدرة على التخريب تدفعنا إلى التساؤل عمّا إذا كانت فعلاً تعمل لوحدها أم توجد قوة كبرى في خلفية الصورة تساندها؟
والمشروع النووي الإيراني جعلنا ننسى أن الهدف الأول للنظام الإيراني هو تصدير الثورة للعالمين العربي والإسلامي –وللأسف- فإنها ليست ثورة إسلامية بل شيعية وفي الوقت الذي تعمل فيه إيران بقوة على تصدير ثورتها الشيعية أصبح السني مدبوغاً بعلامة الإرهاب والتطرف وذلك بسبب أفعال تنظيمات لا ندري من يسيطر عليها ولا ندري من يساندها ولا ندري من يحركها ولكنها تخدم إيران بطريقة غير مباشرة، وقد يكون التعاون قائماً بينها دون أن يدري أحد.
ونتيجة هذا العمل الإيراني المستمر وصلنا إلى وضع صارت فيه القدس مرهونة للمصالح الإيرانية ووصلت الوقاحة إلى حد تهديد مكة المكرمة عبر تصريحات حول موسم الحج وإيران تفعل ذلك قبل أن تحصل على قنبلة نووية فماذا ستفعل إذا حصلت عليها ؟
لا شك أن الشراسة ستزداد ولكن ما هي خياراتنا هل سيقبل العالم العربي بمظلة نووية أميركية ؟
وحتى إذا أُجبرنا على ذلك فهل ستدخل الولايات المتحدة في الحروب الأهلية والاضطرابات الداخلية التي صارت إيران خبيرة في إثارتها ؟
فالحقيقة أن إيران لن تشن هجوما خارجياً بل ستواصل مشروعها التخريبي في الدول العربية فهل علينا أن نستسلم للإرادة الإيرانية ونترك لها المجال لتغيير أنظمتنا كما تشاء وتتسبب في انهيار دولنا متى تشاء ؟
هل سيصير مصير هذه الأمة مثل مصير سنة العراق وسنة لبنان الذين يتعرضون للضرب و الاعتداء على كرامتهم ؟
هل يجوز أن نتركهم دون حماية أو قدرة للدفاع عن أنفسهم وكم سننتظر في لبنان لنقبل بهذا الوضع الذي تُهان فيه مواقعنا من رئاسة الوزراء إلى حرمات بيوتنا ؟ والغريب أنه كلما تصدى شخص للدفاع عن سنة لبنان سُرعان ما تُوجه إليه تهمة التحريض الطائفي وتلصق به صفة الإرهاب بينما في الحقيقة لم يحمل سلاحا ولم يفعل شيئا ضد وطنه بينما يقف حزب الله بسلاحه وبخطابه المذهبي الشيعي دون أن يتعرض لأي انتقاد.
ومن ناحية ثانية، إسرائيل تهدد إيران ولكنها عملياً تعتدي على العرب وتفعل ما تفعله إيران بتشجيع الانقسام الفلسطيني، ونتذكر أن العلاقات كانت جيدة بين إسرائيل وإيران خلال حكم الشاه الراحل ، وقد تعود هذه العلاقات إلى سابق قوتها مرة ثانية، ولذلك فإنه حان الوقت لكل الدول العربية ان تضع خطوطا حمراء مع كل من إيران وإسرائيل فلا تسمح لهما بتجاوزها والتدخل في الشؤون الداخلية العربية ، فالتراجع أمام إيران سيوصلنا إلى السيطرة الإيرانية الكاملة على منطقتنا ، والتراجع أمام إسرائيل سيسىء لقضايانا معها. فليس مطلوب منا أن نختار بين إيران و إسرائيل بل المطلوب منا أن تعمل معاً من أجل حماية دولنا وقضايانا .