العلاقات الإيرانية الإسرائيلية\ملفات خاصة
محاصصة إسرائيلية – إيرانية في إريتريا
الثلاثاء 15 ديسمبر 2009

صادق الشويخ - مجلة الوطن العربي 2/12/2009 باختصار

 

كشفت مجموعة أحداث على ساحة الحرب اليمنية في الأيام الماضية الستار عن سيناريو إقليمي لتحويل صعدة إلى بؤرة انطلاق لزعزعة استقرار المنطقة وتطوير التمرد الحوثي إلى حرب أكثر شمولية تخدم المخطط الإيراني وربما المصالح الإسرائيلية أيضا فقد أسر مسلحون من الحرس الثوري الإيراني يستقلون سفينة شحن إيرانية صيادين يمنيين قبالة سواحل بلادهم ثم سلموهم مع قواربهم إلى اريتريا ثم أعلنت صنعاء عن صد هجوم كبير شنه المتمردون الحوثيون للاستيلاء على ميناء ميدي القريب من الحدود السعودية وجاءت هذه الأخبار بعد إعلان سلطات اليمن مصادرة سفينة شحن تحمل أسلحة للمتمردين وكذلك إغراق قوارب تهريب أسلحة.

وحسب مصادر عسكرية فإن المتمردين يحاولون الاستيلاء على منفذ بحري ليتمكنوا من استقبال الأسلحة الآتية من إيران عبر ميناء عصب الاريتري الذي توجد فيه قاعدة بحرية إيرانية وينطلق منه الأسطول الرابع الإيراني للقيام بعمليات في خليج عدن وهي عمليات ظاهرها المساهمة في مكافحة القراصنة الصوماليين وحقيقتها نقل الأسلحة إلى الحوثيين ، ونقل معلومات عسكرية إليهم تلتقطها أجهزة التنصت والتجسس الموجودة في السفن الإيرانية.

وتقول معلومات عسكرية إن هناك عمليات تهريب منتظمة تتم من ميناء عصب الارتيري إلى السواحل القريبة من محافظة صعدة في مديرية ميدي والتي لا يفصلهما عن بعضهما البعض سوى كيلومترات قليلة حيث يتم تخزينها هناك ومن ثم يتم نقلها عبر مهربين إلى محافظة صعدة معقل المتمردين الحوثيين.

وذكر تقرير أمنى أن الطوق الأمني الذي فرضته القوات السعودية على ميناء ميدي وسواحل اليمن الشمالية قد دفع القوات البحرية الإيرانية إلى إضافة أسطول رابع تمركز بخليج عدن، وذلك لتأمين طرق جديدة لتهريب الأسلحة للتمرد الحوثي وأضاف: إن القوات البحرية الإيرانية اتجهت إلى استخدام طريق أطول لمد الحوثيين بالأسلحة ينطلق من احد الموانئ الاريترية ويتجه نحو خليج عدن على طول امتداد السواحل اليمنية التي تنتشر عليها القوات البحرية الإيرانية والتي تتواجد آخر قطاع تلك القوات على الحدود مع عُمان ورجح التقرير بأن منطقة المهرة وموقع الشقراء يعتبران محطة تخزين لتلك الأسلحة ومن ثم نقلها إلى محافظة مأرب وسط اليمن لتصل بعد ذلك إلى جبال صعدة معقل المتمردين.

واعتبر التقرير قدرة إيران في إنجاح عمليات التهريب المنظمة مع وجود قوات دولية بحرية متعددة الجنسيات أمراً يدعو للتساؤل من عدم قيام تلك القوات الدولية المتعددة الجنسيات بواجبها في حماية الممرات الدولية التي تقع بالقرب من خليج عدن ومحاربة تهريب الأسلحة والقرصنة التي تتعرض لها السفن التجارية على البحر الأحمر وخليج عدن مما قد يؤدي إلى نشوب مواجهة بين القوات البحرية الإيرانية وقوات البحرية السعودية.

قاعدة إيرانية في ميناء عصب: وكانت معلومات عسكرية قد ذكرت أن إيران تمكنت من بناء قاعدة عسكرية بحرية بالقرب من ميناء عصب الإريتري في قطاع صحراوي منعزل في شمال اريتريا بالقرب مع الحدود مع جيبوتي مضيفة أن طهران نقلت إلى القاعدة بواسطة السفن والغواصات جنوداً ومعدات عسكرية وصواريخ بالستية بعيدة المدى ومشيرة إلى أن الإيرانيين يستخدمون طائرات صغيرة من دون طيار لحماية القاعدة وحسب المعلومات فإن إيران تمتلك قاعدتين في أسابفي قرب عصب واحدة للتنصت والتجسس والأخرى لخدمة الغواصات الإيرانية الألمانية الصنع.

وجاءت تصريحات مسؤول العلاقات الخارجية في التحالف الاريتري المعارض بشير إسحاق عن وجود معسكر تدريب لعناصر من أنصار الحوثيين بدعم وإشراف إيراني في منطقة دنقللو شرق مدينة قندع الاريترية ليزيد من التوقعات عن تحول كبير في النهج الإيراني في المنطقة، خاصة تجاه اليمن ويحذر القيادي المعارض الاريتري مما أسماها الأبعاد الخطرة التي بدا يأخذها التعاون الإيراني الاريتري في الآونة الأخيرة وما قد يشكله من تهديد لأمن المنطقة ودولها بصفة عامة وأشار إلى أن لإيران أهدافا ومصالح معروفة تسعى لتحقيقها ضمن استراتيجية ترمي لتوسيع نفوذها في منطقة البحر الأحمر، وجاءت هذه التطورات في الوقت الذي ترددت فيه معلومات خلال الأيام الماضية عن تقديم إيران طلباً للحكومة اليمنية يتعلق باستثمارات إيرانية في ميناء ميدي، لكن الحكومة رفضت هذا الطلب، كما تداولت وسائل الإعلام اليمنية معلومات عن قيام شخصيات مقربة من النظام وعلى صلة بالحوثيين بشراء أراض شاسعة من ميدي لصالح المتمردين الحوثيين.

و أيضاً إسرائيل: تاريخيا ضد القضية الإريترية وكانت ترتبط مع إثيوبيا بعلاقات دبلوماسية واقتصادية منذ خمسينيات القرن الماضي وبدأت العلاقات الرسمية بين اريتريا وإسرائيل تظهر على السطح في يناير/ كانون الثاني 1993، عندما نقل إسياس أفورقي أمين الحكومة الاريترية المؤقتة آنذاك إلى إسرائيل على متن طائرة لتلقي العلاج من مرض الملاريا الدماغية، حيث زاره في مقر إقامته وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك شيمون بيريز، وأعلن عقب الزيارة إن إسرائيل اكتسبت صديقا في منطقة البحر الأحمر.

وفي فبراير/ شباط 1993 قام إسياس أفورقي بزيارة أخرى إلى إسرائيل، التقى خلالها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين، و وقع على العديد من الاتفاقيات بين البلدين قدمت إسرائيل بموجبها مساعدات إلى إريتريا في المجالات الزراعية والتدريب للقوات العسكرية والأمنية الخاصة والمساعدة في إنشاء قوات بحرية، وبالمقابل تفيد العديد من المصادر بأن اريتريا أعطت تسهيلات أمنية عسكرية لإسرائيل في جزيرتي دهلك وفاطمة وفق اتفاقية وقعت عام 1995.

وحسب التقرير فإن إسرائيل لديها دوافع واضحة لإنشاء وتحسين العلاقات مع اريتريا لتصبح أهم حليف استراتيجي للكيان الصهيوني في كل ركن من منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر، ويمكن تلخيص دوافع إسرائيل بنقطتين:

- الأهمية الجيوستراتيجية للجزر الاريترية خاصة دهلك وفاطنة اللتين تقعان على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر ويمكن أن تُستخدما لمرابطة قوات برية وبحرية، ومن خلال التحكم بهذه الجزر لا يمكن فرض حصار بحري على البحر الأحمر.

- أهمية موقع اريتريا للتجسس والسيطرة وجمع المعلومات عن الحركة البحرية المدنية والعسكرية في المنطقة.

محاصصة إسرائيلية – إيرانية في إريتريا: وحسب تقرير غربي فإن إيران وإسرائيل تحاولان أن تفرضا هيمنه سياسية واستخباراتية على الساحل الشرقي لإفريقيا المطل على البحر الأحمر عبر بوابة اريتريا.

ويبدو أن كلا هذين الطرفين يحاول أن يستغل الظروف الصعبة التي تمر بها اريتريا لإيجاد موطئ قدم استراتيجي على الصفة الغربية للبحر الأحمر، وهو ما يمكن أن يشكل في النهاية مدخلا لنشر التشيع الفارسي أو الصهينة الإسرائيلية، وإذا ما توفرت لهذين الاتجاهين قوى محلية، فإن التنافس قد يتحول إلى قسمة داخلية.

ولا يُتوقع لهذه القسمة أن تتحول إلى صراع بالضرورة، فمثلما يعمل الإيرانيون والأميركيون على أسس المحاصصة في العراق فإنه يمكن للإيرانيين والإسرائيليين أن يجدوا سبيلاً للمحاصصة في إريتريا أيضاً. وفي إطار ترتيبات إقليمية أوسع، فإن التعاون الأميركي –الإيراني في العراق والتعاون الإسرائيلي- الإيراني في اريتريا يمكن أن يُرسي أساساً متيناً لتحالف إقليمي يتحول فيه العداء الظاهري وأعمال الجعجعة الكلامية المألوفة في طهران إلى زواج متعة وثيق بين الطرفين.

وكانت أوساط غربية قد نقلت عن مصادر أمنية القول إن إسرائيل وإيران تديران عمليات استخباراتية تنافسية في اريتريا. وأن الإسرائيليين يخشون من أن تتحول إريتريا إلى نقطة صراع إن استمر الحرس الثوري الإيراني في شحن الأسلحة عبر ميناء أسابفي بإريتريا.

ولكن إن الوجود التنافسي هو في العادة أول المداخل للاعتراف بالنفوذ المتبادل، ومن ثم الحوار فالتعاون فالمحاصصة.

 
 
 
 
الاسم:  
عنوان التعليق: 
نص التعليق: 
أدخل الرموز التالية: