أغلب “القبيسيات” الكبيرات “عوانس” غير متزوجات بسبب المبادئ التي يتربين عليها من قسوة وانضباط وحزم في كل الأمور والاهتمام بالدين والتعليم، الأمرالذي يبعدهن عن الزواج، أو أن هذه القوة الزائدة في الشخصية تجعلهن يتقبلن مسألةالخضوع لأوامر زوج مهما كان.
وتشير معلومات حصلنا عليها من جهات “شبه رسمية” إلى ارتفاع نسبة الطلاق في أوساطهن بسبب انشغالهن عن بيوتهن، أو لأن الآنسة، أحياناً قد تفسر بعض التصرفات التي يقوم بها أزواجهن تفسيراً يبعدهم عن الشرعية، مما يتوجب على “القبيسية” ترك زوجها، لأنه لا يحل لها أن تبقى مع زوج غير متدين، و”الآنسة” تعرف أكثر حتى من المتزوجات، وكلامها “مقدس” لا يخالف، مهما كان، حتى لو طلبت “الموت” من الطالبة.
وأضافت تلك الجهات شبه الرسمية أنهن قد يساهمن في تدبير زيجات عديدة لطالباتهن، حيث يخترن من يرينه مناسباً لإحدى الفتيات، ويحاولن، في كثير من الأحيان، الحفاظ على النسب العريق أو الميراث من خلال هذه الزيجات، ويعود لهن الفضل في كثير من الزيجات التي حصلت بين العائلات الراقية والمعروفة في دمشق، منذ فترةٍ طويلة، إذ إن تاريخ “القبيسيات” لا يعود إلى فترة قريبةٍ، أي فترة ظهورهن إلى العلن، فتواجدهن أقدم من ذلك بكثير على الرغم من عدم وجود تاريخ محدد لبداية دعوة منيرة القبيسي، وهي من مواليد عام «1933»، وبحسب بعض السيدات اللواتي تحدثن معهن ممن هن في عمر “منيرة القبيسي”، لكن دعوتهن في الفترة السابقة اقتصرت على حلقات التعليم في المنازل بشكل سري، كما أنها شملت بنات العائلات الراقية والمعروفة في دمشق فقط، وأشهر تلميذات “منيرة” أسسن جماعاتهن الخاصة في لبنان والأردن منذ زمن واللواتي عرفن بـ”السحريات” في لبنان نسبةً إلى “سحر حلبي” و“الطباعيات” في الأردن نسبةً إلى “فادية الطباع”.
في العاصمة السورية اليوم أكثر من أربعين مسجداً لـ”القبيسيات” .
تعقد “القبيسيات” حلقات تدريس بشكلٍ دوري في هذه المساجد، تدرسُ فيها أكثر من أربعين داعية قبيسية من المرخص لهن العمل في المساجد، ومن أهمهن: “نهيدة طرقجي”، و”أميرة جبريل” شقيقة الأمين العام لـ”الجبهة الشعبية لتحريرفلسطين- القيادة العامة” أحمد جبريل، و”درية العيطة”، والدكتورة “سميرة الزايد” التي ألفت كتاب “الجامع في السيرة النبوية” في عشرة أجزاء .طلب من الجهات الأمنيةعدم التعرض لهن.. ومراقبتهن من بعيد!!
بعد اتصالات عديدة، وافق مصدر يمتلك معلومات أكيدة ومتابعة عن القبيسيات الحديث معنا.
وبدا حديثه عنهن بأنه لا يمكن تعريفهن بأنهن تنظيم لأنهن لسن كذلك، مع أنهن يمتلكن صفات التنظيم كافة، فهن كتلة من “التناقضات”، حسب وصفه.
هن جماعة كتومة ولكن ليست سرية، يتابع المصدر قائلاً،ورغم أن الدروس الدينية في المنازل ممنوعة، إلا أن أغلبية دروسهن تتم في منزل إحدى الداعيات أو الآنسات، وأنهن يقمن بتغطية هذه الدروس بالمناسبات الاجتماعية مما يجعل الجهات المسؤولة عاجزة عن إيقافهن أو منعهن.
ويتابع المصدر حديثه ليكشف لنا عن جانبٍ آخر من “غموض القبيسيات” إذ ليس لديهن ميزانية معروفة أو تمويل محدد وظاهرللعيان من قبل جهة معينة، ولكن إذا أردن أي مبلغ، يستطعن جمعه خلال ثوانٍ، وبمكالمة هاتفية واحدة حتى لو وصل المبلغ إلى ملايين الليرات.
ويشرح أن هذه الأموال تأتي من كون أغلب القبيسيات هن بنات أو زوجات أو أخوات بعض المسؤولين والمتنفذين وأصحاب الأموال والمتعلقين بصنع القرار، وهؤلاء يقدمن المساعدة لهن، لأنهن يحصلن على فائدة من نوعٍ آخر، كتسهيل التعامل بينهن، والتخطيط للصفقات التجارية والأعمال، وتسهيل بعض المعاملات، من خلال استثمار هذه العلاقات الواسعة، فواجب “القبيسيات” مساعدة بعضهن البعض، كما أنهن يدبرن زيجات بعض العضوات، لـ”تمرير” بعض المصالح بين العائلات والمسؤولين، أو يستفدن من تقليل “نفقات الزكاة”.
لكن المصدر يلفت الى أن الفائدة ليست دائماً غير مشروعة، فمثلاً عندما يوزع شخص بارز هدايا على بعض القبيسيات أو يدعمهن مالياً، إما ليستر نفسه اجتماعياً أو لكي يساعد الناس عن طريقهن...إلخ، فالمنفعة قد تكون سياسية “ كدعم الانتخابات”، أو اجتماعية أواقتصادية.
وأكد أنهن لا يعملن في السياسة أو يتدخلن بها حتى في دروسهن، ولايسعين إلى تغيير النظام أو إجراء انقلاب،إلا أن لديهن تأثيراً كبيراً في الحياة السياسية من خلال دعم أشخاص في الانتخابات أو المعاملات وتسهيلها، ولهن دعم كبير من قبل أشخاص مهمين جداً في الدولة.
يرى المصدر أن لا خطر حالياً منهن، ولكن يخاف منهن، لأنهن يشكلن بداية لتنظيم كامل بشكل “علني”، فهن ربما شكلن تنظيماً أو شبه تنظيم بشكل “سري”، ثم أن “القبيسيات” اليوم تجمعهن “منيرة القبيسي” وهي تبلغ الثالثة والسبعين من العمر وتعاني أمراضاً عدة، لذا من المتوقع أن تدب الخلافات والانشقاقات في صفوفهن بعد وفاتها (لا قدر الله)، وطبعاً الخلاف سيكون حول من سيخلفها في الرئاسة أو القيادة الروحية، وسيخجلن من الإعلان عن ذلك، لذلك سيبدأ الاجتهاد الفقهي، وقد تدعي كل واحدة من الكبيرات، وهن خمس تقريباً، أن فتاوى الأخرى غير صحيحة، وربما تورث منيرة قبل وفاتها الزعامة لإحداهن، ويبقى “التنظيم” كما هو،أو قد يأخذ شكلاً سياسياً ويتعاون مع قوى معارضة، ولكن لا بوادر لذلك حالياً، لهذاهن تحت المراقبة حسب علمه، وفي حال حصل أي شيء، فسيتم القضاء عليهن مباشرةً.
سعينا لإخراجهن إلى العلن..ورفضن العمل بالسياسة.
ومن المعروف أن مفتي سورية السابق الشيخ أحمد كفتارو يعتبر بمثابة الأب الروحي لـ”منيرة القبيسي” مما جعل “القبيسيات” مقربات جداً من “جامع أبوالنور” الذي كان يشرف عليه نجل المفتي السابق الدكتور صلاح الدين، كما أن “القبيسيات” على علاقة جيدة مع “جماعة” الشيخ عبد الكريم الرفاعي، أما الشيخ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي، فيرى أن المرأة السورية تقوم بدور مميز في الدعوةالإسلامية، لم يبلغه الرجال.
وبالتطرق إلى الرأي الديني الحكومي فإن وزيرالأوقاف السوري الدكتور زياد الدين الأيوبي أعلن في وقتٍ سابق رفضه تسمية أتباع الداعية “منيرة القبيسي” بـ”القبيسيات”، وبقول إنه من غير الصحيح أنهن يحاولن استقطاب نساء المسؤولين والأغنياء لتحقيق النفوذ اوالامتداد، وتشكيل “مظلة حماية”،توفر لهن الحصول على رخص التدريس في المدارس والمساجد.
الدكتور والنائب في البرلمان محمد حبش وخلال لقائنا معه، وصف “القبيسيات” بأنهن ظاهرة “صحية وطبيعية”،هناك تهويلات بما أثير حولها، فهن يقمن بإعطاء دروس دين ذات توجه معتدل غير متطرف،لأنهن لسنا تكفيريات، لكنهن يملن إلى السرية، وعدم الظهور إلى العلن نظراً لطبيعتهن المحافظة.
ويقول حبش إنه عمل جاهداً من أجل إقناع “القبيـسيات ” بالظهور إلى العلن.
وبعيداً عن هذه الآراء الإيجابية، إلا أن البعض ما زال يرى في “القبيسيات” “الظل النسائي” لـ”الإسلام السياسي”، في حين يعتبرها آخرون بديلاًعن منظمة “الاتحاد النسائي” الرسمية، يقول الدكتور محمد شحرور، المتخصص بالشؤون الإسلامية(شحرور هذا من زنادقة هذا الزمان . الراصد )، في حديث صحفي إنه بعد هزيمة سبعة وستين أخذت “القبيسيات” مجدهن، وحصل “شهر عسل” بينهن وبين السلطة، واصفاً “منيرة القبيسي” بأنها امرأة ذكية، ولكن ثقافتها الدينية عادية جداً، ومعرفاً “القبيسيات” على أنهن “بعد” يقوم على جمع النساء جمعاً “براغماتياً” ذريعته الدين “الشعائري المتخلف”.