الشرق الاوسط – 1/12/2010 باختصار
عرضت السعودية، أمس، اعترافات مهمة وجديدة، لأحد أبرز المنشقين عن تنظيم القاعدة في اليمن، وهو محمد العوفي، المكنى بـ«أبي الحارث»، الذي تسلمته الرياض من اليمن بعد أن قرر تسليم نفسه، وذلك بعد فراره إلى اليمن، إثر استعادته من معتقل غوانتانامو الأميركي.
وكشف محمد العوفي، الذي ظهر في الفيديو الشهير مع 3 قيادات لـ«القاعدة»، هم: ناصر الوحيشي، وقاسم الريمي، وزميله سعيد الشهري، عن أن تنظيم القاعدة في اليمن «مخترَق من قبل مجموعات وتيارات سياسية مذهبية في المنطقة»، وهو ما جعل نوايا التنظيم تتسق مع نوايا المجموعات الإقليمية الداعمة له، على الرغم من اختلاف المراجع الفكرية والمذهبية للطرفين.
وتتحدث مصادر مقربة من الاعترافات التي أدلى بها محمد العوفي (أبو الحارث)، للتلفزيون السعودي، عن أن إيران ودولة أخرى، هما المعنيتان بحديث العوفي عن تحكم استخباراتهما بتنظيم القاعدة.
وكان العوفي قد كشف، في لقاء بثه التلفزيون الرسمي السعودي في 2009، عن وجود مخططات ومؤامرات أعدتها استخبارات وقوى لها ارتباطات بدول أجنبية لضرب مصالح سعودية بالتنسيق مع مجموعة ممن يطلقون على أنفسهم «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» الذين يتخذون من مناطق جبلية في اليمن مقرا لهم.
وتحدث القيادي السابق المكنى بأبي الحارث، بإسهاب، عن النوايا التي تدفع الشباب السعودي المتحمس للجهاد، ما أدى إلى أن يتم استخدامهم أسوأ استخدام من قبل بعض الدول الإقليمية.
وقال: «أخذ السعودي كمطمع للدول الإقليمية؛ لأننا نرى أن السعودي عنده إقدام يختلف عن المتطرفين في البلدان الأخرى، فالسعودي يرونه رجلا يطلب ما عند الله - سبحانه وتعالى - ورجلا عنده عقيدة صافية فيُستغل من هذا الباب، يوجهونه التوجه السياسي إلى مطامع أخرى، والسعودي ينظر لنفسه على أنه يطلب ما عند الله - سبحانه وتعالى - لكنه لا يعلم أنه منزلق سواء في أيدي استخبارات أو دول إقليمية أخرى».
ولفت القيادي السابق في تنظيم القاعدة، محمد العوفي، إلى أن حديثي الالتزام الديني، هم أكثر المستهدفين من تنظيم القاعدة، في عملية استقطابهم للمشاركة والانضمام في صفوف التنظيم.
وزاد في الإيضاح: «نعم.. أولا: الشاب السعودي يكون حديثا في الالتزام، ويتوجه لهذا الفكر ويستغل من ناحية الأمر الإعلامي ليكون توجهه توجها جهاديا، ولكن لم يكن عنده ضوابط شرعية أو فقه الجهاد فيستغل من هذا الباب فيقع في أيدي ناس مفترسين يوجهونه توجها خاطئا».
وأفادت اعترافات العوفي بأن أعمار السعوديين الذين سبق أن توجهوا حديثا لأفغانستان أو لليمن، تنحصر بين 20 و30 عاما.
وتندر القائد السابق في التنظيم، في كشفه عن خفايا «القاعدة»، عن الترويج لوجود قياديين سعوديين في التنظيم. وقال إن السعودي هو مجرد «واجهة إعلامية»، وإن القيادة بيد غيره، لافتا إلى أن «القاعدة» والاستخبارات التي تقف خلفها «تريدان أن ترسلا رسالة لحكام السعودية بأن أبناءكم هم من يقاتلونكم».
ويواصل العوفي فضح بعض الممارسات التي تقوم بها «القاعدة» بقوله: «أكثر الأمور هذه التي تقوم فيها «القاعدة» بالتصوير والتوجيه كسعوديين، 3 أرباع الشباب لم يتمكن من تأسيس نفسه كقيادي ولكن هم يضعونه كواجهة؛ لأن السعودي ينظرون إليه بمنظار إعلامي للأمة الإسلامية، فأكثر خروج السعوديين كقيادات هو تصوير إعلامي لـ(القاعدة) يضعونه واجهة ولكن من خلف الكواليس خلف الإخوة السعوديين الذين يقودونهم لتوجهات أخرى».
ويرى القائد الميداني السابق لتنظيم القاعدة أن القيادة السعودية لحركات الجهاد انتهت بعد مرحلة الجهاد الشيشاني. وأضاف: «القياديون السابقون راحوا، أمثال خطاب وأبي الوليد الغامدي وأبي يعقوب الغامدي وغيرهم ومن على شاكلتهم».
وأعطى القائد السابق في تنظيم القاعدة تصورا حيا لكيفية المعاملة التي يلقاها المقاتلون من أبناء بلاده في مناطق الصراع، وفي اليمن تحديدا، حتى إنه أكد أن التنظيم يحاول قفل جميع الأبواب على من تتولد لديه قناعة بالرجوع عما وقع فيه من أخطاء.
ويضيف: «هذه ينزل فيها المجاهد ولكن لا يعرف من الذي يقوده، ما يعرف من مسكوك (مغلق) عليه في بيته ولكن ينتظر التوجيه، ولكن الرجال المجاهدين الذين خرجوا وتعمقوا في الواقع عرفوا من الذي يقودهم: الاستخبارات تقودهم، ونحن رأينا هذا الشيء أمام عيوننا ولولا الله - سبحانه وتعالى - ثم الذهاب والتنقل في اليمن لم تتضح الصورة حتى الآن، فكثير من الإخوة في اليمن (مسكر) عليهم من كل الأبواب، يضعونهم في أماكن نائية ضعيفة جدا، ليس هناك إعلام ولا توجيه ولا شيء، بل يمكث المجاهد في منزله حتى يأتيه التوجيه، إما عملية انتحارية وإما توجيها معينا، لكنه كواقع، صورة لا يعرفها، لكن لا يعرف من الذي يقوده، لكنه يعلم أنه يقاد ولا يقود ولا يسأل من أين ذاهب يعرف: اذهب إلى المنطقة الفلانية فقط.. ولكن الحقيقة عندما تعمقنا في اليمن وتنقلنا في جميع المدن اليمنية أقول الأكثرية ولا أقول كلها عرفنا من الذي يقودنا».
وأوضح محمد العوفي أن أوامر العمليات الإرهابية تملى على المقاتلين، ولا يخيرون في الطريقة التي يريدون القتال بها، مؤكدا أن هناك قيادة عليا توجه الشباب بقولها: «افعل كذا، وافعل كذا»، مبينا أن من ضمن العمليات التي يتم توجيه المقاتلين لها تنفيذ عملية إرهابية، أو استهداف شخصية، معتبرا أن هذه الأعمال كلها يتم الحديث عنها من دون علم شرعي أو ضوابط شرعية.
وأبان القيادي السابق في تنظيم القاعدة أن التعليمات في تنفيذ العمليات الإرهابية تأتي بـ«أوامر خارجية»، ولا يظهر مصدر هذه الأوامر في الواجهة.
وأضاف في النقطة ذاتها: « أضرب لك مثالا: هناك دول إقليمية تريد الفساد وتريد انتهاك الأعراض وتريد تضييع الاقتصاد في هذا البلد، فهم يريدون أن يدخلوا هذا الأمر ولكن لا يستطيعون، ولكن يوافق فكر هذه الدول الإقليمية فكر القاعدة كتكفير الحكام، فوجدوا أن أفراد «القاعدة» يكفرون فأرادوا توجيه الشباب في ضرب أهلها، وبالخصوص السعودية، أو دول الخليج، فهم استغلوا الشباب من هذا الباب، فالأخ المجاهد يظهر في الصورة أمام الناس وينظرون له كقائد بشكله بمبدئه بأسلوبه، ولكن كقيادة عسكرية تنفيذية لا يوجد هناك في اليمن إلا ربما واحد أو اثنان فقط، أما كسعوديين فلا يوجد هناك من القياديين».
وقال عن الفائدة من خلف إخراج رسائل لبعض عناصر «القاعدة» الذين يحملون الجنسية السعودية: «هم يريدون استخراج إخواننا السعوديين من هذا البلد حتى يرجعوا برسالة أو تنفيذ عملية داخل البلد أو أنهم يذهبون لفترة وجيزة حتى إنهم يستخرجون الأموال والتبرعات بمعارفهم، يعني هذا هو أكثر ما تطرق (القاعدة) عليه الباب في هذه النقطة».
ووجه القيادي السابق رسالة لسعيد الشهري، وقال له: «اتق الله - سبحانه وتعالى - واعلم أن هذه الدولة مستهدفة من دول إقليمية مستهدفة، هذه الدولة حتى لا يأتي يوم نعبد الله - سبحانه وتعالى - على بصيرة وهذا الرجل يؤيد هذه الدولة والدول الإقليمية للفساد في هذا البلد، فأنا أقول له اتق الله - سبحانه وتعالى - فهذا توجهي لسعيد الشهري: خف الله - سبحانه وتعالى - واعلم أنك تقاد ولا تقود، اعلم من يقودك، أنت تعرف جيدا كيفية تعاملك مع الاستخبارات وغيرها، وخف الله - سبحانه وتعالى - وأنا أعلم علم اليقين سبب إفتائك بالجواز وأنا أفتيتك بفتوى الشيخ عبد العزيز بن باز عندما خرج من كشمير بمنع التعامل مع الاستخبارات الإقليمية وقلت لك بلسان الشيخ – ولكن لا أذكر اسمه – إن هذا حرام وهذا كلام الشيخ عبد العزيز بن باز، الناقل بيننا شيخ من أحد المشايخ وهو حي يرزق، فالشيخ عبد العزيز بن باز قال حرام وسعيد الشهري من هو سعيد الشهري عند ابن باز - رحمة الله عليه - حتى يقول بالجواز ويقول اضرب هذا البلد وتعامل مع الاستخبارات مع دول إقليمية حتى اضرب هذا البلد، هذا من جهله».
وأشار العوفي إلى أن تكتيك «القاعدة» في اليمن قائم على أمرين، إما استخدام الأحزمة الناسفة وإما تنفيذ العمليات الانتحارية، مؤكدا أن هذين الأمرين يعتمدان على ناحيتي الإقدام وحداثة السن؛ حيث يجعلون منفذ العملية يمكث في مكان ما حتى يأتي وقتها، مؤكدا أن ترتيبات الأحزمة الناسفة التي يستخدمونها مستمدة من جيوش، ومن ناس مخترقين لـ«القاعدة»؛ حيث يدربون منفذ العملية، حتى يقوم بتنفيذ مخططاتهم.