علاوي: سنحارب إيران سياسيا..
الثلاثاء 7 ديسمبر 2010
أنظر ايضــاً...

حوار مع صحيفة الشرق الأوسط 25/11/2010 باختصار

 

* كيف تمت إدارة هذه العملية، قائمة فازت في الانتخابات، والعراقيون صوتوا لها، ثم تنقلب الأمور ليبقى نوري المالكي في منصبه، لا سيما أنه كان قد قرر البقاء سواء فازت قائمته أم لا؟

- لقد اجتمعت مجموعة عوامل أنتجت هذه النتائج، وأهم هذه العوامل هو الموقف الإيراني الذي تدخل بشكل قوي وواسع في مسألتين، الأولى وضعهم لخطوط حمراء على البعض من القادة السياسيين العراقيين، وفي مقدمتهم أنا والقائمة العراقية، والثانية هي أن طهران وجهت دعمها الأساسي للقوى التي مثلت المشروع الطائفي السياسي، لهذا لم يكن من باب المصادفة أو الغرابة أن تُدعى كتلتا دولة القانون، بزعامة المالكي، والائتلاف الوطني، بزعامة عمار الحكيم، ليعلن بعدها عن تشكيل ما يسمى بالتحالف الوطني وأن يعتبر هذا التحالف الكتلة الأكبر ثم تعطي المحكمة الاتحادية رأيها وتقول إن الكتلة الأكبر هي التي يمكن أن تتشكل بعد الانتخابات، وهذا غير صحيح، وليس دستوريا ولا قانونيا ولا ديمقراطيا. يضاف إلى ذلك أن الإخوة في «دولة القانون» حاولوا في الأشهر الثلاثة الأولى بعد ظهور نتائج الانتخابات تمييع الصورة لحين استكمال بعض المواقف حيث قاموا باستخدام مسألة اجتثاث البعث (المساءلة والعدالة) حيث اجتثوا ما يقارب من 500 مرشح، وبعدها أدخلوا البلد في إشكالية من هي الكتلة الأكبر والأصغر، وهل الكتلة الأكبر هي التي فازت بالانتخابات أم التي تشكلت في مجلس النواب، ثم أدخلونا في موضوع إعادة العد والفرز اليدوي التي لم تغير من نتائج الانتخابات. فتلك الأشهر الثلاثة أعطتهم مجالا لأن يكرسوا بعض الأمور، وبالإضافة إلى الدور الذي لعبته إيران فقد كان هناك دور غير واضح وضبابي للولايات المتحدة الأميركية فيما يتعلق بالوضع العراقي، فانتهى الموضوع بشكل واضح وهو مصادرة الاستحقاق الانتخابي ومصادرة إرادة الناخب العراقي وتوجهت الأمور باتجاه الكتلة الثانية التي هي دولة القانون. أما المجتمع الدولي كان له موقف سلبي، وأبسط ما يقال عنه إنه موقف غامض، ففي الوقت الذي أذكر فيه أن مجلس الأمن قد أصدر بيانا ينص على أن المجلس يحترم نتائج الانتخابات والاستحقاق الانتخابي، لكنهم تراجعوا عن هذا البيان، وخاصة الولايات المتحدة الأميركية. فمن الواضح الآن وجود علامة استفهام على العملية الديمقراطية في العراق، هل فعلا توجد ديمقراطية أو لا توجد؟ فإذا كانت هناك ديمقراطية فيفترض أن يكون هناك تمسك بالاستحقاق الانتخابي والديمقراطي، وهذا يعني أن تقوم القائمة العراقية التي فازت بـ91 مقعدا نيابيا بتشكيل الحكومة، لكن هذا ما لم يحصل، والعراقيون فقدوا الثقة بالديمقراطية والانتخابات .

* ما هو موقف «العراقية» التي انتخبها الناس؟ كيف ترون هذه النتيجة وما وصلت إليه قائمتكم للناخبين؟

- الناخبون العراقيون يعرفون أن هناك مؤامرة لمصادرة إرادتهم وأفكارهم وقناعاتهم، ونحن بالنسبة لنا في القائمة العراقية مصرون على المضي بما كلفنا به الشعب العراقي إلى نهاية الشوط، وهذا يتعلق بأدائنا في المرحلة القادمة، وموقفنا سواء كنا مشاركين أو غير مشاركين في السلطة التنفيذية، لكن التفويض الذي أعطي لنا من قبل الشعب العراقي بما يخص التغيير، والمقصود به الخروج من المحاصصة الطائفية السياسية والقضاء على النفوذ الإيراني في العراق، وليس محاربة إيران وإنما إنهاء النفوذ الإيراني في البلد، وبناء المؤسسات العراقية وإعادة هوية العراق إلى حاضنته العربية، وأن تكون هوية واضحة للعراق، وأن تكون هناك مؤسسات ناجزة، هذه هي بعض المهام الأساسية التي سنعمل على تحقيقها لحين أن تتحقق في الكامل، ولن نتراجع عنها بأي شكل من الأشكال، وأينما كنا سواء كنا في السلطة أو خارجها، لكن الجمهور العراقي الآن الذي أصيب بإحباط شديد نتيجة ما حصل يعلم أن هذا الموضوع هو بالحقيقة فصل من فصول الانتصار الإيراني على العملية السياسية في العراق، لكن في انتظار الصفحات الأخرى، إن شاء الله .

* تتحدثون عن خوض معركة، المعركة ضد من؟

- ضد الطائفية، ومعركة سياسية ضد النفوذ الإيراني المتعاظم في العراق والنفوذ المتطرف في البلد، وأنا قلتها في خطاب في القائمة العراقية، إن المعركة مع قوى التطرف والقوى المؤمنة بالطائفية السياسية ستكون معركة قاسية وطويلة، فهذه صفحة من الصفحات انتهت الآن وهناك صفحات أخرى قادمة يجب أن تحمل مزيدا من التلاحم بين الشعب العراقي ومزيدا من الإصرار على تجاوز المحاصصة الطائفية السياسية ومزيدا من التلاحم من أجل بناء عراق يتسع لجميع العراقيين، ويكون عراقا مهما يلعب دورا مهما في المنطقة ومستقبلها.

* معركة مع إيران تعني أجهزة مخابراتية وأسلحة واغتيالات، هل أنتم قادرون على مواجهة مثل هذه المعارك؟

- أولا، نحن لسنا نتكلم عن معركة عسكرية بقدر ما نتحدث عن معركة، بالنسبة لنا، سياسية وبالنسبة لغيرنا ليست سياسية، ولا أعتقد أن إيران ستنتصر، لأن إرادة الشعب العراقي هي إرادة قوية وحازمة وحاسمة، ونحن أبلغنا إيران بشكل مباشر وعن طريق قادة دول في المنطقة بأننا لسنا ضد إيران، ولسنا دعاة حرب مع إيران، ولن نسمح بأن يكون العراق قاعدة ومنطلقا للاعتداء على إيران، لكن بنفس الوقت نحن نرفض أي تدخل إيراني في الشأن العراقي الداخلي، مثلما نرفض أي تدخل عراقي في الشأن الداخلي الإيراني، ومن الواضح أن الإخوة في إيران لم يفهموا هذا الكلام فبقوا يفرضون شخصية رئيس الوزراء على العراقيين، ومن يجب أن يدخل ومن يجب ألا يدخل في العملية السياسية، وللأسف هذا الموقف الإيراني المتفاقم قابله موقف دولي متردد غير واضح ومرتبك، وإلى حد ما موقف عربي أيضا غير واضح، فكان الموقف الإيراني هو الوحيد تقريبا الذي أثر ويؤثر في الأحداث داخل العراق، أما عن الوسائل التي من الممكن أن تستعملها إيران فالوثائق التي سربها موقع «ويكيليكس» عن محاولات اغتيالات واضحة بالإضافة إلى معلومات قد وصلتنا وتصلنا عن محاولات الاغتيال التي هي لن تثني الناس عن مواقفهم، ولن تحبط القضية العراقية، فالعراق قد أعطى شهداء كثيرين، ومستعد أن يعطي شهداء أكثر مقابل أن يخرج منتصرا من هذه الأوضاع المزرية، وأن يبني لنفسه مستقبلا واعدا وزاهرا، فنحن لا نخشى إيران .

*لماذا لم تستطع القائمة العراقية بناء تحالفات، هل كانت هناك أخطاء تكتيكية؟ أنتم وقفتم مع المجلس الأعلى الإسلامي وامتدحتم قياداته، ووقفتم مع التيار الصدري والتقيتم زعيمه مقتدى الصدر وامتدحتم وطنيته، وأنتم أقرب ما تكونون إلى الأكراد، لكنكم لم تستطيعوا بناء أي تحالفات طوال هذه الفترة؟

- لم تنطلق التحالفات بسبب ما قلت قبل قليل، وهو الأشهر الثلاثة الأولى التي مرت بشكل فوضوي، وبعدها انطلقت المسميات حول أن الكتلة الأكبر هي ما سمي بالتحالف الوطني، وثالثا كانت هناك إجراءات إيجابية، خاصة مع الأخ مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، وأحب أن أذكر بتصريحات الأخ بارزاني التي كانت واضحة في أن «العراقية» يجب أن تأخذ زمام المبادرة كاستحقاق انتخابي بتشكيل الحكومة، وأدلى بهذه التصريحات في أكثر من مناسبة، لكن الأخ جلال طالباني، رئيس جمهورية العراق وزعيم الاتحاد الوطني الكردستاني، كان له موقف مغاير منذ البداية فقد ذهب مع دولة القانون والائتلاف الوطني. والائتلاف الوطني أيضا لم يكن واضحا وقد مر بفترة ضبابية قام خلالها لحين التيار الصدري باتخاذ موقفهم الداعم للمالكي، وأحب أن أضيف أيضا أننا لسنا نسبح في الفضاء، حيث إننا ضمن وضع متحرك ووضع عراقي وإقليمي ودولي وكنا نلاحظ ونفهم مسألتين؛ الأولى هي الموقف الإيراني الحازم بدعم رئيس وزراء من الائتلاف الوطني وبالذات المالكي، وهذا لم يكن سرا حيث صرح الجانب الإيراني بهذا في أكثر من مناسبة، وبالمقابل كان هناك موقف أميركي متناغم مع الطرح الإيراني، ونحن نعلم أن النفوذ الإيراني قوي في العراق كما نعلم أن النفوذ الأميركي موجود لكنه أضعف من الإيراني في العراق، كما كنا نعرف أن الاتجاهات السياسية العامة للكتل جزء منها يتأثر بمواقف هذه الدول، نحن حاولنا في الحقيقة أن نبني موقفا ضد هذه التوجهات، باتجاه أن العراقيين يجب أن يتخذوا بأنفسهم القرار السياسي وأن لا يأتي القرار السياسي من الخارج، وهذا أحد أسباب سفري إلى بعض الدول للطب منها أن تقنع أميركا بعدم التدخل في الشأن العراقي، وثانيا أن تضغط بعض الدول التي لها علاقات مع إيران، على طهران حتى لا تتدخل في الشأن العراقي، وآخر زيارة قمت بها بهذا الاتجاه كانت زيارة للقاء الرئيس السوري بشار الأسد، وكانت بخصوص موضوع إيران لكن للأسف لم تتحقق أية نتيجة ورأينا الأمور بقيت بهذا الاتجاه. لأميركا تبريراتها، ولإيران أيضا تبريراتها بالتأكيد، لكن نحن كعراقيين لا نقبل هذه التبريرات لأننا لا نقبل ولا نريد أن يكون هناك تدخل من أي دولة في فرض سياسة الأمر الواقع على العراق، لهذا فإن مسألة التحالفات ارتبط جزء منها بهذه الظروف وكان ولا يزال الفهم السياسي العقائدي، إن صح التعبير الأقرب إلينا هو التحالف الكردستاني بكل تكويناته، بمعنى هو تحالف غير طائفي وليبرالي ديمقراطي، لكن الآن تبدلت الصيغة حيث هناك جزء من التحالف الكردستاني لا يؤمن بالعملية الديمقراطية في حين أن الجزء الآخر يؤمن بها، لأننا رأينا جميعا السكوت على مصادرة حق العراقية، ونحن لا نتحدث عن المراكز السياسية بقدر ما نتحدث عن أنه كان هناك استحقاق واضح فالعراقية حصلت على 91 مقعدا، وهذا الموضوع معروف في كل الديمقراطيات في العالم، وهو أن من يحصل على أكبر عدد من مقاعد البرلمان يكلف بتشكيل الحكومة، وهذا سياق عام موجود وقاعدة عامة موجودة في كل الممارسات الديمقراطية، وحتى في الدستور العراقي، فعندما قاموا بتشريع الفقرة التي تتعلق بهذا الموضوع كان هناك تشريع واضح يقول أصحاب الاستحقاق الانتخابي يعني الفائزين في الانتخابات يكلفون بتشكيل الحكومة، لكن سكوت الطيف العراقي على هذا الموضوع وتعامله مع ما سمي بالكتلة الأكبر التي هي ليست موجودة لا رسميا ولا قانونيا، حيث إن الكتلة الأكبر يجب إما أن تكون مسجلة في المفوضية العليا للانتخابات، أو في رئاسة مجلس النواب بعد أن تتكون الرئاسة، فالكتلة الأكبر التي تسمى بالتحالف الوطني ليست موجودة لا هنا ولا هناك، لكنها فرضت بالقوة وصودرت الديمقراطية بهذا الشكل، والمجتمع الدولي الذي لديه مسؤولية مباشرة في العراق باعتبار أن العراق لا يزال تحت طائلة البند السابع، وهم الذين أدخلوا إلينا الديمقراطية فشلوا في حمايتها في العراق، وإن كان هذا الفشل مقصودا أم غير مقصود هذا سؤال يطرح، لكنهم فشلوا بهذا الأمر وانتهى الموضوع بهذا الشكل، حتى القضاء العراقي تم تسييسه بشكل كبير باتخاذه تلك القرارات والتوصيات، لهذا رأينا أنه لم يعد يليق بالشعب العراقي أن تبقى الأمور معلقة بذلك الشكل فآثرنا إكراما واحتراما لشعبنا وحقنا للدماء أسرنا أن نتراجع عن المواقع الرئيسية في البلد لعل وعسى أن يتم تشكيل حكومة بأسرع وقت، وأن تؤدي ما عليها للعراقيين، وهذا الذي حصل .

 

* ما الذي دفعكم للتنازل عن استحقاقكم وعن تصريحاتكم التي قلتم فيها بأنكم لن تشاركوا في حكومة يترأسها المالكي؟

- نحن تنازلنا عن موقع رئاسة الوزارة وموقع رئاسة الجمهورية، لكن هناك شيء واحد صعب لن نتنازل عنه ولا أعتقد أننا سنتنازل عنه، وهو القرار السياسي، وقد وجهت شخصيا رسالة إلى قادة القائمة العراقية قلت فيها يبدو لي أن مسألة رئاسة الوزارة والرئاسات الكبيرة في البلد لن يكون بمقدورنا تحقيقها بسبب المواقف الإقليمية والدولية، وخاصة الموقف الإيراني، وبالتالي نحن أمام معضلة كبيرة وهي خدمة وسلامة وأمن الشعب العراقي، فعليه يجب أن نتراجع عن هذا المطلب، وأن ننتقل إلى مسألة المشاركة في القرار السياسي، وأن نكون شركاء حقيقيين فيه، بغض النظر عن المواقع التي نشغلها، وعلينا أن نضع الآليات الواضحة حول كيفية أن نكون شركاء فاعلين في القرار السياسي العراقي، ولم نتخل عن جهودنا، لكن الحقيقة هي أننا جوبهنا بهذه المواقف الدولية والإيرانية تحديدا، ورأينا أن المهم هو مصلحة العراق لأننا لا تهمنا المواقع والمراكز بقدر ما يهمنا الحصول على ما نريده بتغيير المعادلة في العراق ولصالح من انتخبنا .

 

 

 
 
 
 
الاسم:  
عنوان التعليق: 
نص التعليق: 
أدخل الرموز التالية: