مُسمّى الخليج العربي والبعد الاستراتيجي
الثلاثاء 7 ديسمبر 2010
أنظر ايضــاً...

مهنا الحبيل – الوطن البحرينية 22/11/2010

 

نفى الشيخ أحمد الفهد ادِّعاء وزير إيراني بأنه اعتذرَ للإيرانيين عن تسمية الخليج العربي في أحد المطبوعات لمناسبة رياضيَّة، وكان الإعلام الإيراني قد كثّف نقل هذا الاعتذار المزعوم ضمن الحملة التي أطلقتها إيران وسخّرت لها إمكانيَّات وجهودًا لتتبُّع مصطلح الخليج العربي واستئصاله ومطاردة مَن يتبنَّى هذه التسمية الطبيعيَّة التاريخيَّة للخليج العربي، والذي كان قديمًا -ولا يزال- عربيًّا، ولا يزال ساكنوه على الضفتين عربًا، حيث إقليم الأحواز العربي وسلطنته العربيَّة القديمة لم تسقط إلَّا بعد الاحتلال الإيراني عام 1925م وهي مدة قريبة جدًّا لم ولن تغير التاريخ الطبيعي.

ومن المؤسف أنّ الدعاية الإيرانيَّة قد أثّرت على عدد من العرب وبعض مؤسساتهم، وحتى لا يظنَّ البعض أنّ القضية هي مجرد تعصُّب نُشير للحقائق التاريخيَّة التي قد تكون غائبةً عن البعض، مع معرفة المتخصصين في ميدان البحوث والدراسات التاريخيَّة بالمغزى الخطير والبُعد الاستراتيجي لتثبيت المصطلح الاستعماري لإيران لمسمى الخليج العربي وتكريسه بالفارسي.

إن خطأ البعض مرده إلى كونه يرى أن الخليج خلال الاستعمار الغربي المتنوع وبالذات الانجليزي قد أزاحوا تسمية خليج العرب المستفيضة في كل الخرائط والوثائق التاريخيَّة، وقد يسمى خليج البصرة وخليج البحرين لتبعة الجزء إلى الكل كسواحل وخلجان، وهذه القضية محسومة علميًّا، وقد عرض برنامج الجزيرة الوثائقي أرشيفهم وتاريخنا في الحلقات التي تناولت قضايا الخليج هذه التسمية التي تنسب الخليج للعرب قديمًا بالصور والخرائط، وهذه خطوة طيبة من الجزيرة تنشر ثقافيًّا ما نجهد مع الباحثين في تاريخ المنطقة لتحقيقه توعويًّا، وهو يحتاج إلى اهتمام كبير من المؤسَّسات الإعلاميَّة في الخليج العربي.

ووهم البعض هو أنه يستغرب من تمسكِنا بالتسمية العربيَّة ويعتقد أن الزعيم الكبير الراحل جمال عبد الناصر رحمه الله لتوجهه العروبي هو مَن طرح هذه التسمية نهاية الخمسينيَّات!! لأنّ هذا البعض يشاهد الخرائط التي اعتمدها الاستعمار الغربي وهدف مبكرًا لنقض البعد العربي للمنطقة، خاصَّة أن قوى المقاومة العربية وبالذات اليعاربة العمانيين والقواسم في ساحل الإمارات، وقبلهم الجبور العقيليون الأحسائيون شكَّلوا ترسانة مقاومة للنفوذ الاستعماري الغربي للخليج قدمت الآلاف من الشهداء، فكان الغرب يحقد على العرب، حيث لم تكن مواجهته مع سلطنة هرمز وفارس كما هي مع عرب الخليج وساحلهم، ولذلك ساهم الإنجليز في تسليم جزر الشارقة الإماراتيَّة لإيران, وهذا هو سر خطأ البعض الذي يشاهد نصوص هذه الفترة وخرائطها ولم يدرِ بأنّ التسمية العربيَّة قديمة جدًّا تمامًا كما هو الوجود العربي.

إنّ هذه القضيَّة ذات أبعاد ثقافيَّة خطيرة وليس عذرًا مقبولًا ما يقوله البعض من أنّ النفوذ الاستعماري السياسي والعسكري القديم والحديث يهيمن على المنطقة، وبالتالي لا معنى للتسمية, الأمر ليس كذلك فالاسم والمسمى له بعد معنوي ونفسي للتاريخ الوجودي، والبعد الاستراتيجي دأبت الدول والحضارات على تكريسه، والذي يرصد حجم التعصب والعنف الإعلامي والسياسي والطرد من الأراضي الذي يمارسه الإيرانيون على من يطلق مسمى الخليج العربي يدرك حجم المعركة التي تخوضها طهران ولا تبالي بأي تُهمة تعصب في سبيل فرسنة الخليج.

تنبّه الشيخ فهد الأحمد نرجو أن يكون بداية لمعالجة الثغرات الكثيرة التي اخترقتها طهران في هذه القضية مؤخرًا، ومنها التصريح المؤسف لسفير الكويت في طهران الذي نسب إليه الإيرانيون تصريح يؤيّد فرسنة الخليج، ولم يصدرْ تصحيحًا ولا نفيًا، وهكذا تُكثّف طهران هجومَها الإعلامي لتُخضع العالم والمنطقة لمصطلحها وما تحمله من نوازع توسّع على المنطقة واستقرارها, ولذلك فإن مهمَّة وزراء الإعلام والتربية والثقافة الخليجيين والمؤسَّسات الرسميَّة والأهليَّة يجب أن تتواصل مع المثقفين العروبيين في الخليج العربي، ليس للتسمية فقط بل للتوثيق والتوعية بالتاريخ العروبي الإسلامي لمنطقة الخليج العربي لتربَّى الأجيال عليها وتوثقها الأعمال الثقافيَّة والفنيَّة، وخاصةً أننا نواجه هجومًا عنيفًا من الغرب ومن الشرق ينزع الهوية عن الخليج العربي, والأمَّة والمنطقة التي تنزع ذاكرتها وتاريخها تفقد أول الأسوار وأمنعها، إنها ذاكرة الانتماء، وحين يُنزع الانتماء تسهل مهمَّة الخصم للاختراق، فلا تسلِّموا خليج العرب واستيقظوا قبل السقوط.

 

 

 
 
 
 
الاسم:  
عنوان التعليق: 
نص التعليق: 
أدخل الرموز التالية: