حقائق مغمورة وأوهام منثورة (1)
عبد العزيز بن صالح المحمود – باحث عراقي
خاص بالراصد
مناصرة القوى الشيعية المختلفة للثورة السورية واصطفافها خلف نظام بشار الأسد() أعاد من جديد استحضار تصريحات بعض القادة سنة 2003 عقب احتلال الأمريكان للعراق وسيطرة الشيعة عليه، وتكرار تمرد الحوثيين في اليمن وتصاعد مشاكل شيعة البحرين، من وجود لوبي شيعي يريد أن يشكل هلالا شيعياً في المنطقة، وتعرض بعض القادة يومها لهذه الظاهرة وصرحوا: أن ولاء الشيعة لإيران وليس لأوطانهم، وقد لاقت هذه الفكرة نقداً من جانب، ومناصرة من جانب آخر، وقام كثير من الشيعة برفض الفكرة وشاركهم بعض أصحاب التوجهات الإسلامية والقومية واليسارية في هذا الرفض للفكرة.
ولمناقشة هذه الفكرة سنذكر في هذه الحلقة بعض الحقائق عن هذه الفكرة، والمقالة التالية ستكون للإجابة عن الاعتراضات التي تثار من قبل الشيعة وحلفائهم.
مقدمة
ارتبط التشيّع بإيران() منذ خمسة قرون، وبالتحديد منذ نشوء الدولة الصفوية سنة (1501 - 1736م)، ومنذ ذلك التاريخ وإلى يومنا هذا أصبح الشيعة في العالم الإسلامي والعربي تبعاً لإيران سياسياً ومذهبياً، ولقد توالى على حكم إيران خلال خمسة قرون عدة دول شيعية؛ فمن بعد الدولة الصفوية جاءت الدولة الأفشارية (1736- 1796م) بقيادة نادر شاه، فالدولة القاجارية (1794 - 1925م)، ثم الدولة البهلوية (1925-1979م)، ودولة الخميني 1979م ليومنا هذا (جمهورية إيران الإسلامية).
كلّ هذه الدول كانت تعتبر نفسها دولا شيعية (دينيا)، وراعية للمذهب الشيعي في كل العالم، ورغم أن الدولة البهلوية (الأب والابن) تبنّت العلمانية إلا أنها لم تتخل عن كونها راعية للمذهب الشيعي لما يجلب ذلك من المكاسب لإيران، ومن ذلك إرسال الشاه المخلوع موسى الصدر للبنان قبل ثورة الخميني بربع قَرن.
هذا من جانب إيران، وعلى الجانب الآخر (الشيعة في بقية البلدان)؛ كالعراق ولبنان وشرق السعودية والبحرين وغيرها فالسؤال الذي ما زال محل الجدل هو: هل انفصل هؤلاء الشيعة عن إيران على الصعيد المذهبي أو السياسي؟
تعالوا بنا نستعرض بعض الحقائق المغمورة في تاريخ شيعة العراق:
* في العراق يمكنني كعراقي أن أجزم أن شيعة العراق تبعاً لشيعة إيران، وإن أنكروا ذلك ألف مرة، فأكثر من 140 سنة مرّت على شيعة بلادي وهم يؤذنون في حسينياتهم ومساجدهم حسبما أراد لهم والي إيران وشاهها في وقته، عندما زار شاه إيران القاجاري ناصر الدين العراق سنة 1870م وقت أن كان مدحت باشا حاكما على العراق، فزار النجف ولم يسمع في الأذان الشيعي "أشهدُ أنَّ علياً وليَّ الله" عندها أمر بإعادة الأذان وذكر الشهادة الثالثة، ومنذ ذلك الوقت وإلى يومنا هذا يؤذن الشيعة حسب أوامر شاه إيران، بل أصبح من مقدسات الشيعة، التي يدافعون وينافحون عنها كأنه دين أنزل بنص غير قابل للتغيير([3]).
فلا أدري هل تبعية الشيعة لمراجعهم وعلمائهم أم لحكام لإيران؟ أم أن المراجع يغيّرون الدين حسب مُراد الحاكم الإيراني؟ وهل يتجرأ شيعي اليوم أن يمحو هذه العبارة؟
* ونسأل العراقيين الشيعة، لماذا تسمون مذهبكم بالمذهب الجعفري، فعندما تراجِع كتب الشيعة منذ أكثر من ألف سنة لن تجد هذه التسمية، والسؤال من أسمى التشيع بالمذهب الجعفري؟
والجواب: هو الحاكم الإيراني نادر شاه قلي سنة 1743م عندما طلب من الدولة العثمانية الاعتراف بالتشيع كمذهب خامس وسمّاه المذهب الجعفري. ولم تأتِ هذه التسمية من عالم أو مرجعية بل من حاكم سياسي، وإن كان غير ذلك فليذكر لنا الشيعة مصدراً يدل على أن الفقه الشيعي كان اسمه المذهب الجعفري، قبل نادر شاه الحاكم الأفشاري!!
* وليت الأمر مُتعلق بالحكّام الإيرانيين والمراجع العجم، فالشيعي العراقي أصبح يأخذ شعائره وطقوسه من عوام الشيعة الإيرانيين؛ فما يفعله الشيعة اليوم من لطمٍ وضربٍ بالسلاسل المسوطة على الظهور (الجنازير أو الجنزيل أو الزنجيل باللهجة العراقية)([4])، وضربِ الرؤوس بالقامات (الحربات) والسيوف وإسالة الدماء، كلّه غريب مستورد من إيران وغيرها، ولم تعرفه شيعة العراق لغاية سنة 1831م عندما صدَّره لشعبنا العراقي شيعي عامي إيراني يُدعى باقر بن الشيخ أسد الله الدزفولي (نسبة لمدينة دزفول أو دسبول الإيرانية) الذي كان يسكن مدينة الكاظمية في بغداد، وكان العرب الشيعة العراقيون لا يفعلون شيئاً من هذه الطقوس، بل يفعله الفرس والتركمان وشيعة القفقاس والأذربيجانيون (الأذريون أو الأزريون) المقيمون في مدينتي كربلاء والنجف، فقد ذُكر أن التسوّط بالسلاسل دخل النجف سنة 1919م، وأن الحاكم البريطاني في النجف ساعد على إدخال ذلك؛ لأنه كان حاكماً على مدينة كرمنشاه الإيرانية، أما كربلاء فقد دخلتها هذه الطقوس سنة 1899م، وقبل ذلك لم يكن العرب العراقيون يمارسون ضرب الظهور بالزنجيل، بل كان العرب والقبائل والعشائر يقفون مشاهدين ومتفرجين فقط لما يفعله القادمون من خارج البلاد لإحياء ذكرى عاشوراء؛ لأن العربي بطبيعته يأنف طرق تعذيب النفس، ويعبر عن حزنه ومشاعره ربما باللطم والعويل ونشر الشعر، أما تعذيب الجسد وإسالة الدماء فهذه ثقافة دخيلة على العشائر العربية العراقية.
* وكذلك تمثيل الشبيه (التشابيه باللهجة العراقية وهو تمثيل قصة مقتل الحسين) كان زمن إدخاله لمدينة الكاظم ببغداد أواخر القرن الثامن عشر، وكان العثمانيون- مع الأسف- يشجعون أحيانا على ذلك، فقد سمح والي بغداد العثماني علي رضا اللاز- وهو بكتاشي() - (1831 - 1842م) بإقامة هذه الطقوس، وكان بعض الجنود العثمانيين يشاركون في الشبيه في مدينة النجف بأمر منه([6])، في حين كان الوالي مدحت باشا وعلامة العراق أحمد شاكر بن محمود الآلوسي يعارضان هذه التصرفات غير الحضارية([7]).
* في العشرينات من القرن الماضي ومع بداية تأسيس الدولة العراقية الحديثة، صدرت فتوى من قبل المراجع الشيعة بإسقاط الملك فيصل وخلعه، وتحدى الخالصي وأبناؤه فيصل شخصياً وخلعوا بيعته، وسبب بذلك هو ومراجع الشيعة بلبلة في العراق، فطلبته حكومة فيصل فهرب وبعض أولاده لإيران وشنوا من هناك حملة شعواء على حكومة فيصل، واتهموه بالخيانة وشجعتهم طهران على ذلك كالعادة([8]).
وعندما أحست حكومة فيصل أن المراجع الإيرانيين يتحكمون بالشيعة صدر قانون الهجرة والجنسية بتاريخ 9 حزيران سنة 1923م والذي يجيز إبعاد غير العراقيين الذين يمارسون نشاطا عدوانيا على العراق والحكومة([9])، أخذ الغرور والعناد المراجع (مراجع الشيعة الإيرانيين والخالصي وأولاده) فاستمروا بتعليق منشورات ضد الحكومة والملك- مع العلم أن الخالصي وأولاده عرب لكنهم تجنّسوا بالجنسية الإيرانية حتى لا يجنّدوا في الدولة العثمانية- عندها تمَّ إبعاد كلّ المراجع الكبار الفرس وكانوا تسعة، مع الخالصي وأولاده، وممن أبعد: الأصفهاني، والنائيني فذهبوا إلى مدينة قم في إيران، والتحق الخالصي بهما بعد أن أُبعد إلى عدن (اليمن) فاستغل موسم الحج وذهب لإيران([10])، وتماهيا من الخالصي مع دولة إيران خالف علماء الشيعة (حتى العجم) وأمر بإعطاء الخُمس للدولة الإيرانية وليس للمراجع الشيعة، مما سبب له خلافاً شديداً مع بقية المراجع، وتذرّع بأنّ إيران يجب أن تكون قوية، وأن الخُمس يجب أن يُعطى للقوات المسلحة الإيرانية، وأمر بجمع أموال الأضرحة في العراق في الكاظم وغيره ودفعها لإيران([11]).
هذا هو الخالصي العربي الوطني العروبي وأولاده! يفضّلون الملك الشاه القاجاري الإيراني على ملك العراق العربي؟ ويعطون أموال شيعة العراق لا لفقراء العراق- وما أكثرهم- بل تعطى للحاكم الإيراني، وهكذا اليوم الشيعة وعلماؤهم في العراق يفضلون إيران أياً كان رئيسها أو ملكها على أي شيء عراقي؟ فلماذا هذا الولاء والحب!؟
* أما مرجع الشيعة محسن الحكيم الطباطبائي (ت 1970م) والذي مكث 25 عاما في المرجعية، فمعروف بتبعيته للشاه محمد رضا بهلوي، وعلاقته مع السافاك (جهاز المخابرات الإيراني)، حتى قال عن الشاه: "إن نظام الشاه هو المدافع الوحيد عن شيعة العالم وهو حصنهم الحصين والوحيد"، ولم يكن الحكيم وحده بل آل الحكيم كلهم هكذا()، ولا يفوتنا هنا القول بأن تأسيس حزب الدعوة في العراق عام 1959م كان بمباركة ودعم نظام الشاه. وشاه إيران كان يفاخر برعايته للتشيع في العالم كله، كما أن الشاه حاول استيعاب المرجعية في النجف فأطلق عليها لقب (المرجع الأعلى).
* بل إن الشاه الإيراني كان يستغل العلماء الشيعة العراقيين لمصالحه فقد بعث في السبعينيات وبالتحديد سنة 1973 طالب الحسيني الرفاعي([13]) إلى مصر، فأنشأ جمعية باسم "آل البيت" وبدأ ينشر التشيّع بين فقراء المصريين عبر موظفي سفارة الشاه([14])، وصار المذهب الشيعي طريق الكثيرين من المصريين إلى العمل في الوظائف الحكومية في إيران، وفي المؤسسات الإيرانية في مصر، فتشيّع- لأسباب مصلحية مالية- عدد لا بأس به من المصريين خلال ست سنوات قضاها الرفاعي في مصر.
* وقد حاولت إيران أن تسيطر على العراق من خلال "الشيعة العرب"، وكل المحاولات لفصل شيعة العراق عن إيران باءت بالفشل، فقد حاول الرئيس العراقي صدام حسين أن يجعل المرجعية الشيعية في العراق بقيادة محمد صادق الصدر - والد مقتدى- كونه عربياً، ودعمه من أجل ذلك، لكن إيران بيدها أزمّة الأمور ففرضت الخوئي كمرجع أول، ثم عبد الأعلى السبزواري، ثم علي السيستاني، وكلّهم فرضتهم إيران على الشيعة ومرجعياتهم في العراق والمنطقة.
* أما الأشعار في الشعائر الحسينية وترانيم العزاء ونغمة الأذان ليومنا هذا فهي مؤسسة على الطريقة والألحان الفارسية (الروزخون)()، بينما نعلم أن عرب العشائر العراقية والأهوار لهم ثقافتهم وأشعارهم وقصائدهم بألحان أهل الجنوب المعروفة، فلماذا لا يرفع الأذان إلا بلحن إيراني؟ ولماذا رسوم مقتل الحسين وصور الأئمة كلها من تراث الدولة الصفوية؟
والجواب واضح: فهذه عادات مستوردة تلقفها أهالي الجنوب يوم أن تشيعوا من الإيرانيين كنوع من التبعية، واستُخدمت من قبل التشيع الإيراني كأداة لتمرير العادات والثقافة الصفوية الإيرانية للعراق، ولترسيخ الشعور بالتبع للإيرانيين.
فليفقه شيعة العراق أن هذه الأفعال ليست ديناً أصلا، وإلا لورثت من أجدادهم في النجف وكربلاء والحلة وهي مدن التشيع فيها قديم منذ أكثر من ألف سنة، فلماذا جاء تراث التشيع من إيران، نعم ليست من الدين، وأهل البيت النبوي منها براء.
* وبحكم مخالطتنا لأبناء الشيعة في الجنوب والوسط منذ الستينات كنّا نلاحظ بوضوح أن الشيعة ذوي الأصول الإيرانية يضعون صور شاه إيران في منازلهم، وصورة زوجته فرح ديبا ويتغزلون بجمالها، رغم أن هؤلاء أكثرهم ولد في العراق أو جاء للعراق وهو صغير السن.
* ولا زلت أذكر أنه في نهاية السبعينيات وقبيل سقوط الشاه كانت هناك إذاعة إيرانية تَبث بالعربية كنوع من الغزو الناعم الإيراني تُسمع في أنحاء العراق، وكان أكثر المتفاعلين معها أبناء الجنوب الشيعة في طلب الأغاني الإيرانية بشكل ملفت للنظر، فما هذا الشعور بالتبعية وما تفسيره!
وسيبقى شيعة العراق- ومع الأسف- رهينة بيد إيران رضوا بذلك أم أبوا، وستبقى إيران حكومة ومفكرين يستخدمون التشيّع لتحقيق مكاسب سياسية طامعة لصالح إيران!([16]).
أما في غير العراق فهناك بعض الحقائق المغمورة عن التشيع وتبعيته لإيران نذكر غيضا من فيض:
* تاريخيا لاقت الدولة العثمانية مع ظهور إسماعيل شاه الصفوي مؤسس الدولة الصفوية في إيران مشاكل جمّة من الشيعة الأتراك، فقد أعلن الشيعة والعلويون في الدولة العثمانية ولاءهم له وأصبحوا يشكلون طابوراً خامساً له داخل بلاد الأناضول، ومن أشهر هؤلاء الشيعي حسن خليفة والذي ظهر في مدينة أنطاليا ولقب نفسه (شاه قلي) أي عبد الشاه (إسماعيل الصفوي)، وبدأ يدعو للبيعة للشاه إسماعيل حتى تبعه عشرون ألف رجل من شيعة الأناضول، ثم هاجم القوافل والمدن السُنية واحتلها وأقام مذابح عظيمة لكن الله سلّم وقضى على هذه الثورة بعد أن دامت سنتين (915-917هـ)([17]).
* ووالد شاه إيران رضا خان بهلوي أوصى ابنه شاه إيران محمد رضا بهلوي في عبارة مشهورة: "لقد تمَّ احتلال الضفة الشرقية للخليج وما عليك إلا أن تستكمل الأمر مع الضفة الغربية له"([18])، والاحتلال المقصود هو تحويل أهلها من عرب سنة إلى عرب شيعة إلى فرس، والتضييق على السنة ومنع بناء المساجد، والشروع بإسكان الشيعة في ضفة الخليج الأخرى.
أما مخطط السيطرة على دول الخليج في الضفة الغربية، فبدأ بتعاون الإيرانيين مع الإنكليز بذلك، ثم بإقامة علاقات اقتصادية مع شيوخ الخليج، حتى امتلأ الخليج إيرانيين وشيعة، وأصبح كبار التجار شيعة: كالبهبهاني، الكاظمي، المزيدي، سليمان حاجي حيدر، لاري وأولاده، فريدوني، قبازرد، بوشهري، دشتي وغيرهم، كما أن ضعف الخليجيين المهني سهل لدخول العمالة الإيرانية()، التي يشجعها التجار الإيرانيون والشيعة الكبار لإقامة محلات ومهن تجارية صغيرة، فاحتكروا بعض المهن كالبقالة والمخابز وتجارة العقارات وتجارة السجاد وغيرها، كما أن تجار السلاح في الخليج إيرانيون، وقد استطاعوا بناء أحياء شيعية مستقلة لهم، كما كشفت تنظيمات إيرانية السرية وظهر هذا واضحا فترة الستينات، كل ذلك بتنسيق مع الشاه وأجهزته الأمنية().
* ومحمد رضا بهلوي شاه إيران هو من أرسل موسى الصدر وأسس منظمة أمل اللبنانية والمجلس الشيعي الأعلى. وموسى الصدر الإيراني الأصل أخذ الجنسية اللبنانية بتوصية من الشاه لرئيس لبنان بعد أسابيع من دخوله لبنان، ودعمه شاه إيران ماليا ومعنويا لإيقاظ الدور الشيعي في لبنان().
* وقدّم الشاه ملايين الدولارات لمؤسسات التشيّع في السودان عن طريق جعفر النميري. ويعود أصل تشيّع بعض السودانيين والمصريين إلى تلك الفترة([22]).
* واليوم في لبنان "أعلنوها صراحة بلا أي مداراة أنهم يتبعون ولاية الفقيه، ويستمدّون أوامرهم وقراراتهم مباشرة من كرسي المرجعية في قم، ويصفهم المتحدث بلسانهم والمعبر عن آمالهم (حسن نصر الله) بأنهم ذراع إيران في المنطقة، وشيعة جبل عاملة على وجه الأخص أشد أنصار المرجعية الإيرانية، لذلك فهم عقبة مستمرة في وجه أي إصلاحات داخلية وترتيبات حكومية لا تأتي وفق رغباتهم، وعطلوا تشكيل الحكومة اللبنانية عدة أشهر من أجل تحقيق مكاسب طائفية لأقصى حد ممكن، حتى أن بعض النواب الشيعة في البرلمان اللبناني وهو (أيوب حميد) يهاجم حكومته لاشتراكها في مؤتمر القمة العربية الذي انعقد في ليبيا فيقول بما لا يدع مجالا للشك في ولاءات شيعة لبنان لإيران: كيف يمكن للعرب أن يوافقوا على احتضان النظام الليبي للقمة العربية ودوره في التآمر على إيران وسوريا معروف للجميع"([23]).
ولاء الشيعة لإيران حقيقة يصرح بها الباحثون الإيرانيون:
حامد رضا داغاني، مدير "مركز الخليج والشرق الأوسط" التابع لوزارة الخارجية الإيرانية يعتبر أن "قوة إيران الناعمة" في العراق، أي علاقاتها الوثيقة مع الشيعة في العراق مثل آية الله السيستاني ورجال الدين الشيعة العراقيين الذين درسوا في قُم، كان أكبر عامل في تحقيق إيران مطامعها في العراق والمنطقة([24]).
وتقدّم دراسة الباحث الإيراني (كيهان بارزيجار( في مركز البحوث الاستراتيجية بطهران تصوّراً واضحاً لدور العامل الشيعي في السياسة الخارجية الإيرانية، والتي تهدف لـ:
* خلق جيل جديد من النخب العراقية الصديقة لإيران، ليست لديها أي خلفيات أو مشاعر عدائية تجاه إيران، أي نخب عراقية موالية بالكامل لإيران.
* إقامة تحالف إيراني عراقي يكون محوراً ومنطلقا لتشكيل ترتيبات سياسية وأمنية جديدة في منطقة الخليج.
ومن هذا المنطلق، فان دور إيران في المنطقة سوف يعتمد على درجة علاقاتها الاستراتيجية مع حلفائها السياسيين من الشيعة في المنطقة، وعلى دعمها لدور هذه القوى الشيعية في داخل بلادها، وبناء "معسكرات سياسية".
ويقول في الدراسة: إن مخاوف دول المنطقة من "هلال شيعي" مبني على بعض الحقائق، أهمها: أن التحالف الإيراني مع القوى الشيعية سوف يخل بموازين القوى السياسية في دول المنطقة، ويهدد السيطرة السنية على مقاليد السلطة والحكم في هذه الدول([25]).
هذه هي رؤية المحللين الإيرانيين لتبعية الشيعة لإيران، فهل علم ذلك السُنة القوميون من أمثال البعثيين الذي صدّعوا رؤوسنا بالوطنية والقومية، وهل فهمت ذلك الحركات الإسلامية السُنية كالإخوان، والتحريريين، وهيئة علماء المسلمين في العراق([26])، حبذا لو عرفوا الحق ولم يكابروا، حتى يدعوا الشعارات الفارغة "إخوان سنة وشيعة هذا الشعب مانبيعه"([27])، فقد باعه الشيعة إلى المحتل وانتهى الأمر.
[16] - جهود علماء العراق في الردّ على الشيعة (القسم الثاني)، عبد العزيز بن صالح المحمود، مقال في مجلة الراصد العدد السادس والخمسون، صفر 1329هـ.
[24] - مقال في موقع البصرة، بقلم السيد زهرة، بعنوان "إيران والعرب و"العامل الشيعي" ، انظر: http://www.albasrah.net/ar_articles_2009/0209/zahra_210209.htm
- هذا الشعار رفعه بعض الإسلاميين السنة أول دخول الأمريكان للعراق. ورفع كذلك في البحرين من قبل الشيعة، والغريب أن الشيعة رفضوا شرعيا هذا الشعار، وانظر موقع منتديات راية البراءة الشيعي، شعار إخوان سنة وشيعة باطل بنص كلام الرسول، http://www.kmo-world.com/showthread.php?t=1545
ونقول بالمثل الشعبي : رضينا بالهمّ وما رضى الهمّ بينا.