خاص بالراصد
نشرت صحيفة الشرق الأوسط (28/3/2011) تعريفاً بالطائفة العلوية فجاء تحت عنوان "العلويون.. ثاني أكبر الطوائف في سوريا"، وبهذا يصبح "المسلمون السُنة" أكبر الطوائف السورية!
ولا بد أن يحضر في هذا المقام حديث النسب السكانية للطوائف والقوميات حتى يتسنى لكل الأطراف الخارجية (الشيعية والغربية) أخذ حصته من الجسد السوري عبر تلك الأقليات، وقد أظهر الغرب وإيران وحلفاؤهم في المنطقة تخوفهم من صحوة العرب السنة في سوريا من خلال حديثهم عن الحرب الأهلية وحقوق الأقليات والمخاوف من سيطرة المتشددين على حكم سوريا.
فطرح موضوع التنوع الديني والتعدد المذهبي في سوريا إنما هو وسيلة للقضاء على ثورة العرب السنة وصحوتهم، فالصورة التي يريد الإعلام الغربي والإيراني ترسيخها عن سوريا هي التعدد والتنوع ليطمسوا الصورة الحقيقية التي أظهرتها الثورة وهي "سوريا السنية".
حرصُ الأطراف الدولية والإقليمية على تعزيز دور الأقليات في سوريا يعكس الرفض المطلق للحُكم السني بوجهيه العلماني و"الإسلامي الوسطي المعتدل" ! فالسني المفضل عندهم من كان على شاكلة برهان غليون وبسمة قضماني ممن يجعلون حقوق الأقليات المزعومة قضايا مقدسة، دون الالتفات إلى الحقوق السنية المضيعة منذ عقود.
أدوات ووسائل تحجيم السنة وتقزيم دورهم بعد الثورة
أصبح صعود السنة إلى واجهة المشهد السوري بعد عقود من التغييب والاضطهاد أمراً واقعاً لا يمكن تجاوزه لذا فإن الأطراف الغربية والشيعية حريصة على الالتفاف على هذا الصعود وتحجيمه، والحد من تطوراته وتداعياته على مصير نفوذها في سوريا والمتمثل بالأقليات التي فرّطت بولائها الوطني واصطفت وراء أطماعها المادية وأحقادها المذهبية.
خلال عمليات القمع والإبادة التي يقودها النظام العلوي، تُعد المخططات للمرحلة الانتقالية بغية مواجهة الانتصار السني، فإيران والغرب لن تترك البلاد السورية يحكمها الثوار ولا بد من خوض معركة هادئة (إعلامية – فكرية) تساند عمليات الاختراق المخابراتي وشق الصف السني المتوقعة بعد سقوط النظام، وللأطراف المعادية (الشرقية والغربية) أوراقها وأدواتها وأساليبها في مرحلة ما بعد النظام ومنها:
1- ستبدأ المنظمات الحقوقية بالحديث عن عمليات ثأر وانتقام ضد الأقليات (لاسيما العلوية)، وستتولى التقارير الغربية والإسرائيلية الحديث عن وجود واسع للقاعدة والمتشددين في المدن والأرياف، وبهذا تنضج تهمة "الإرهاب" لتدمغ كل سني يطالب برد الحقوق وإنصاف المظلوم.
2- ستظهر دكتاتورية التيار العلماني والليبرالي بقيادة مجلس غليون وسيكثر الحديث عن الدولة المدنية الديمقراطية التي ينشدها الجميع، ولابد من التأكيد بأن مفردة "الجميع" يُراد بها كل المؤيدين لحزب غليون لا سيما أبناء الأقليات، ولن يعبأ أحد بالشعب الذي قامت الثورة على أشلائه، ولن يلتفت أحد إلى التوجه الإسلامي قاد الثورة، ولا أعني توجهاً بعينه (سلفياً أو إخوانياً) وإنما الخطاب الديني الواضح والاعتصام الشعبي العام بالعقيدة والمعاني الإسلامية.
وإذا كانت الشعوب في مصر وتونس والمغرب قد اختارت النماذج الإسلامية (على عيوبها وسلبياتها) بعد عقود من الدكتاتوريات العلمانية، فإن الشعب السوري أشد رغبة في التجربة الإسلامية لأنه لم يجد غير الدين ملاذاً أيام المحنة والثورة، وليقينهم بأن طائفية الأقلية الحاكمة اختبأت خلف ستار العلمانية الاشتراكية، وأن المجلس الوطني بقيادته العلمانية الليبرالية خذل الثورة وانخرط بعض أطرافه في مؤامرات ضد الشعب و"الجيش الحر".
وأما التململ الغربي تجاه الثورة فمَردّه الخشية من التيار الإسلامي الجارف والذي لم يكن يوماً بالحسبان، بل إن تأخرهم في دعم حلفائهم العلمانيين (المجلس الوطني) من أسبابه عدم قدرته على التحكم والسيطرة على الحراك السلمي والجيش الحر.
ولعله من مصلحة الثورة تلك الانشقاقات الأخيرة التي حصلت في المجلس الوطني لأنها تُعري الدكتاتورية الناشئة وتفضح نزعة التسلط والتفرد بالقرار التي تتحكم بكثير من متطرفي التيار العلماني ممن يسعون لفرض أجنداتهم المستوردة (المباركة من الغرب) على الشعب السوري وثورته.
3- انعزال الأكراد عن الجسد السني وهيمنة القضية القومية والانفصال على مواقفهم سيساهم في إضعاف القضية السنية السورية، وربما يجنحون للتحالف مع الأقليات، بل إن ارتباطهم بأكراد العراق يعني ضمان وقوفهم في جبهة إيران وحلفائها.
4- التساهل الذي سيبديه بعض الإسلاميين السوريين (لا سيما جماعة الإخوان) تجاه "فلول النظام" وإيران وحزب الله بعد التحرير سيساهم في تذويب القضية السنية (إعلامياً وسياسياً).
5- الحديث الذي سيسود عن المصالحة وطي صفحة الماضي والحوار وضرورة مشاركة الجميع في بناء سوريا الجديدة سيغطي الحقائق، ويقطع الطريق أمام الاستحقاق السني بحكم البلاد وإدراة شؤونها، وسيؤمن هذا الخطاب الحماية لمجرمي "الأقليات"، وسيؤسس لحضور قوي للأقليات في الحكم الجديد (على حساب السنة).
سيتحول بعد ذلك "العرب السنة" في سوريا إلى أقلية سياسية تحيط بها تهم الإرهاب والتشدد، فإذا ما وقع ذلك ستفقد الثورة طعمها ويكون أهلها أكبر الخاسرين منها، وسيخرجون "من المولد بلا حمص" !
لذا لا بد من التذكير ببعض الحقائق لتثبيتها في أذهان الشعب والثوار قبل أن يلتف المتربصون بالثورة عليها، ويخطفوا ثمرة دماء الشباب السني، وهذه حقائق لا يسع أحد إنكارها:
1- حرصُ المجتمع الدولي على إبقاء حكم الأقلية
فوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون تحرص في كل لقاءاتها مع المعارضة على ضرورة تقديم ضمانات للأقليات، أما روسيا فإنها حريصة على بقاء العسكر العلوي على رأس السلطة في حال قبولها بتنحي بشار الأسد وعائلته، وكل رفضٍ غربي للتدخل العسكري أو تسليح الثورة، وكل حديث أجنبي عن الحرب الأهلية ووصول السلاح إلى أيدي المتشددين والقاعدة يعني الحرص على إبقاء حكم الأقلية المتسلطة، فلا ينبغي بعد ذلك الاستماع لنصائح الغرب لحكام سوريا الجدد بضرورة إشراك الجميع وتجنب الإقصاء والتمييز، فالغرب لن ينشد العدالة بنصائحه وتوصياته وإنما ينشد إعادة حكم الأقليات التي حرص على دعم إبقائها في السلطة.
2- وقوف أكثر الأقليات إلى جانب النظام
لن تقاوم هذه الحقيقة تضخيم الإعلام لمشاركة الأقليات في الثورة ضد النظام السوري والتي يقوم بها الثوار لتشجيعهم وطمأنتهم بوجود مكان لهم في الثورة إذا التحقوا بها، بل لن تقاوم هذه الحقيقة الأوهام والأكاذيب الحقيقية القائلة بأن النظام يعتمد على الأقليات لا سيما العلويين في حربه ضد الثورة، وأنهم السبب الرئيس في إطالة عمر النظام، ولا يختلف وضع المدنيين منهم عن العسكريين، فقد كشفت التنسيقيات المحلية في مناسبات عديدة عن تسليح النظام للقرى العلوية، كما كشف المجلس الوطني عن تشكيل كتائب لضرب الثورة، وأكد المقدم المظلي في الجيش الحرّ خالد الحمود لصحيفة «الشرق الأوسط» أن سر تشكيل تلك الكتائب الشعبية أن «النظام بدأ يخوّن الكثير من الضباط والجنود لعدم ثقته بأنهم ينفذون أوامره كما يجب». وقال: «إن أي ضابط أو مجنّد يبدي امتعاضه لقتل المدنيين يتعرض للتصفية الجسدية فورا، وأمام واقع التخوين وعدم ثقة النظام بجيشه بدأ يلجأ إلى الضباط والمجندين البعثيين المتقاعدين من أبناء الطائفة العلوية من أصحاب الولاء الأعمى لآل الأسد، ويجمعهم من أجل تشكيل كتائب شعبية تكون نواة الجيش العلوي في حال استمرّ تفكك الجيش النظامي، وأشار الحمود إلى أن «هذا النظام بدأ تجنيد المجرمين والقتلة وأصحاب السوابق الذين أخرجهم من السجون، ويُخضعهم للتدريب على أيدي الضباط العلويين الذين أوغلوا في عمليات القتل والمجازر بسبب خوف هؤلاء الضباط من الملاحقة والمحاسبة بعد سقوط النظام، وهؤلاء لدينا قوائم بأسمائهم». وأضاف الحمود: «إن الضباط العلويين النافذين بدأوا الآن بتسليح القرى العلوية من مخازن أسلحة الجيش السوري والحرس الجمهوري، لأن النظام يخطط للانتقال إلى حرب أهلية طويلة الأمد، وهو بدأ يزرع بذور الشقاق بين كل الطوائف في سوريا» (الشرق الاوسط 8 آذار 2012).
3- انقلاب الأقليات والعلمانيين على الديمقراطية قبل ممارستها
فهناك تيار داخل المعارضة لاسيما من العلمانيين والأقليات بدأ ينقلب على الديمقراطية وأحكامها واستحقاقاتها قبل ممارستها، وأصبح يحذر من "ديمقراطية طائفية" بعد انهيار النظام، حيث قال المعارض العلوي منذر خدام: (إن سفراء الدول العظمى، ومع بعض الأطراف المحلية اقترحوا في الكواليس تبني نموذج الديمقراطية الطائفية، على شاكلة الواقع العراقي واللبناني، لصون حقوق الأقليات فيما بعد سقوط نظام بشار الأسد، وذلك حسب النسبة السكانية لكل طائفة، وانتقد خدام هذا الخيار، معتبراً أن من يطرح الديمقراطية الطائفية «يهدف إلى نظام المحاصصة وتقسيم الدولة وتحويلها إلى كانتونات طائفية وعرقية حسب الثقل السكاني لكل منها وليس الاعتماد على كفاءات وقدرات الشعب السوري»، مضيفاً أن الديمقراطية الطائفية «تحد عملياً من مشاركة معظم الطوائف التي تسمى بـ«الأقلية» في بناء الدولة الديمقراطية وتجعل كفة الأغلبية الطائفية مسيطرة على كل مقاليد الحكم وقراراته، وقال خدام إن الديمقراطية الطائفية «تفتح باب التخوف عند معظم الأقليات، وتقضي على آمال الأقليات الدينية والعرقية في تبوء المناصب والمراكز الحساسة في مؤسسات الدولة، على الرغم أن معظم القوى السياسية المعارضة في سوريا تتبنى في العلن نموذج الدولة الديمقراطية المدنية، غير المستندة إلى خلفيات دينية وعرقية معينة، والتي تحترم فيها حقوق الأقليات على أساس قانون يسمح لكل المواطنين المشاركة فيها بغض النظر عن خلفياتهم الاجتماعية والسياسية، إلا أن «مسألة هواجس الأقليات تبقى قائمة من الناحية العملية»، بحسب تعبير خدام، ولفت المعارض السوري إلى أن «معظم القوى الكردية والآشورية في سوريا تطالب بالاعتراف بحقوقها القومية وتعزيزها في الدستور المزمع وضعه بعد سقوط النظام السوري». واستطرد: «في المقابل، تخشى الطوائف المسيحية والدرزية والعلوية والإسماعيلية من صعود التيار الإسلامي السني وقبضه على مقاليد الحكم، على اعتبار أن السنة يشكلون الأغلبية في البلاد) (صحيفة البيان الإماراتية 3/3/ 2012).
وهذا الكلام العدائي للثورة والشعب يعزز المخاوف من الانقلاب المحتمل على الثورة وعلى استحقاق الأغلبية السنية في الحكم، وإن كان هذا "العلوي" جهر بطائفيته فغيره ما زال يضمر حقده وينتظر لحظة سقوط النظام حتى يعتلي المنابر الإعلامية للهجوم على الثورة والسنة بدافع الحرص على حقوق الأقليات، أما بعض العلمانيين السنة فلا يصرحون بمثل هذا الخطاب خشية السقوط الإعلامي، لكنهم يلتقون مع منذر خدام في ضرورة منع السنة من تولي زمام البلاد من خلال الترويج للدولة المدنية والنموذج الديمقراطي التعددي، فالعدالة والمساواة في عرف العلمانية المتشددة ليسا إشراك الجميع ومنع التمييز والإقصاء وإنما اضطهاد التيار الإسلامي السني وعزله عن المشهد السياسي.
وفي هذا السياق كتبت راغدة درغام الصحفية المقربة من الإعلام الأمريكي: (مفتاح التغيير في دمشق ليس فقط في رحيل النظام، وانما في الاتفاق مسبقاً، سورياً وإقليمياً ودولياً، على أن البديل لن يكون إسلامياً) مقال (أنان طوق النجاة الأخير للأسد) (الحياة اللندنية 16/3/2012).
ما يؤرق العلمانيين والأقليات الطائفية ممن يُظهر التأييد للثورة ليس الدماء السنية والحقوق المسلوبة منذ عقود، وإنما مرحلة ما بعد سقوط النظام، فالديمقراطية التي ينادون بها ستكون جسراً لوصول الإسلاميين السنة إلى الحكم، فأصبحوا محاصرين بين أمرين:
1- الرغبة الداخلية في إبقاء النظام العلوي.
2- الترويج لإبقاء حالة التسلط الطائفي عبر الحديث عن حقوق الأقليات ومستقبل الطوائف بعد الثورة، وأهمية قيام نظام ديمقراطي ودولة مدنية بعيداً عن الأحزاب الإسلامية، والتحذير من القاعدة والتطرف والسلفيين والإخوان المسلمين، والتحذير من تسليح الجيش الحر منعاً لنشوب حرب أهلية!
بعد هذه الحقائق الموجزة لا بد للحراك الثوري أن ينطلق من عدة مبادئ أساسية لسوريا جديدة تضمن الحماية والحرية والحقوق لأبنائها كلهم، ولا تقتصر على تطمين هواجس أقلياتها ممن ضحوا بولائهم الوطني وخانوا الشعب والقيم الإنسانية.
1- للعرب السنة الذين يشكلون أكثرية سوريا (تفوق 80%) حق مسلوب بالحكم وقيادة البلاد، وقصاص عادل من القتلة والخونة الذين تسلطوا على دمائهم وأعراضهم وأموالهم، وميزان ذلك هو العدل والقسط الذي أمر به الشرع الإسلامي، وليس انتقاماً على سنن الجاهلية أو خضوعاً لحكم القوي المنتصر، فركائز الاستقرار والأمان المنشود بعد التحرير تعتمد على إرجاع الحكم للسنة، والقصاص من المجرمين في محكمة الثورة، وهذا أول مؤشرات الانتصار وقطف الثمار.
2- حقوق الأقليات التي ظلت مقدّمة على حقوق الشعب السوري منوطة بإرجاع الحقوق للعرب السنة، فإن إنصاف الأقليات لن يستقر على حساب نكبة جديدة للسنة، أو سلب شيء من حقوقهم، فلا يُبنى على الظلم عدل واستقرار، ولا يُؤسس على "إعطاء الأقليات حجماً مبالغاً فيه" أمان ورخاء ونهضة، فلا بد للمنطق الأعوج الذي حكم سوريا منذ آذار 1963 أن يزول بزوال النظام، وأن تعود الحقوق لأصحابها والأمور إلى نصابها قبل الحديث عن الأقليات والطوائف، فكل استقرار وعدالة وتقدم مرهون ومعلّق بإعادة حقوق العرب السنة.
3- إن الأقليات إذا رغبت بالحفاظ على حقوقها وترغب في مزايا وتفضيلات بعد الثورة فيجب أن تتحرر من أطماعها الضيقة وارتباطاتها الخارجية غير الوطنية، وأن توفق بين ولائها الديني، وانتمائها الوطني وتتجاوز هيمنة الأفكار العلمانية المتطرفة في عدائها للدين والقيم الإسلامية العربية.
وعليها أن تطمئن جيرانها وشركاءها السنة وهم الأغلبية أنها نبذت سياستها القديمة والتي قامت على التسلط والتمييز الطائفي عند وصول الأقليات إلى مواقع التأثير والتغيير والحكم في العالم العربي لتثبيت وجودها وتعزيز نفوذها والذي كان يغذيه التحريض الأجنبي بإثارة شعورها بالضعف والقلة والخوف، كما حدث في:
1- حين هيمنت "الأقلية العلوية" على الحكم في سوريا عام 1963 فتبعتها عقود من الاضطهاد والاستبداد تجاه الأكثرية السنية، وما زلنا ندفع فاتورة القبول بحكم الأقلية من دماء الشباب السني!
2- صعود الأقلية الشيعية في لبنان باسم المقاومة وما تبعها من تحويل "لبنان العروبة" إلى مقاطعة ايرانية شيعية تصدّرُ فرق الموت إلى سوريا والعراق والخليج.
3- حين هيمنت الأقلية الشيعية على العراق بعد الاحتلال الأمريكي (نيسان 2003) وتبعتها حروب تطهير شرسة ضد العرب السنة من قبل الميلشيات الشيعية الرسمية والشعبية، انتهت بصبغ العراق بصبغة شيعية في أعنف تغير شهدته البلاد منذ الفتح الإسلامي.
في الختام لا بد من التأكيد على الهوية السنية لسوريا، لأن النظام لم يتمكن من الاستئساد على الشعب إلا بعد أن مُسخت هويته وشخصيته بين أوهام التعايش والتنوع والتعددية المذهبية، فلم يعد يملك مرجعية يعود إليها أو قاعدة ثقافية حضارية ينطلق منها، ولذلك وجد الشعب السوري ذاته وكيانه وحريته بعد العودة إلى المعاني والقيم الإسلامية، فكانت الوقود الوحيد للثورة بعد أن انقطعت كل الأسباب المادية والأفكار العلمانية البالية.
لسورية هويتها السنية كما أن لأوربا هويتها المسيحية التي يدافع عنها قادة السياسة وزعماء الكنسية، ولا بد من الإيمان بأن الهوية السنية لسوريا هي الضمانة الوحيدة لإنصاف الجميع، فالحماية متوفرة للجميع شرط الدخول تحت مظلة السنة بعيداً عن التآمر مع القوى الغربية والإيرانية لتقويض منجزات الثورة والانقلاب على استحقاقاتها.