محاولة إيرانية أخرى للضحك على أذقان السذج!
الخميس 29 سبتمبر 2011

(المؤتمر الدولي الأول للصحوة الإسلامية)

د.مصطفى محمدي ـ كاتب إيراني سني

كانت إيران ترى نفسها اللاعب الأول والعريف الذكي الذي لا ينافسه أحد في المنطقة، وقد استطاعت أن تضحك على الشارع العربي وعلى معظم الجماعات الإسلامية والقيادات والنخب التي يجذبها البريق الخادع للشعارات الزائفة عن الوحدة الإسلامية والثورة والمقاومة وغير ذلك مما تعلقت به الشعوب المنكوبة. لكن أحداث العراق كشفت عن النزعة الدموية والطائفية التي ترسخت في الضمير الصفوي لقادة إيران.

ثم تبعتها أحداث البحرين بما صاحبها من الموسيقى الإيرانية الصاخبة ومسرحية تظلم الثكالى واليتامى والأرامل في الإعلام الطائفي والبوق الصفوي الذي أزعج العالم ضجيجه.

ثم كانت سوريا قاصمة الظهر لإيران وحزب الله، فقد تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود حتى لمن امتلأ حمقا وسذاجة في الشارع العربي والإسلامي.

فقد كان من المتوقع لمن عايش العقلية السياسية الإيرانية أن تسعى إيران لمحاولة الضحك على الأذقان الساذجة مرة أخرى، ولتغيير وجوه بعض المرتزقة ولشراء ذمم أخرى في العالم عسى أن تعود المياه إلى مجاريها، ولا سيما أنها تدرك تماما بأن المنطقة تخلو من إعلام ذكي ينافس إعلامها الجبار وأن صوتها سيدخل جميع الآذان وهي قادرة على إثارة العواطف في العقول الخاملة - وما أكثرها!- لأن ذاكرة الشعوب العربية سرعان ما تنسى!

أقامت إيران في عاصمتها مؤتمرا سمته بـ "المؤتمر الدولي الأول للصحوة الإسلامية" في 18-19 شوال 1432هـ/ 17 - 18 سبتمبر 2011م تحت قيادة أبرز وزراء الخارجية منذ بداية الثورة وأيام الحرب الضروس مع العرب في الثغور العراقية؛ الدكتور علي أكبر الولايتي، وأنشأ المؤتمر له صفحة إخبارية رسمية باللغات العربية والإنجليزية والفارسية بجانب التغطية الإعلامية العالمية الضخمة.

زعم الإعلام الإيراني بأنه شارك في المؤتمر 600 من مفكري العالم الإسلامي وأوروبا وأمريكا و400 من مفكري إيران، وقاطعت ولأول مرة كبرى الجماعات الإسلامية وصاحبة الحضور الأكبر في الشارع العربي والإسلامي والداعية للوحدة والإصلاح "جماعة الإخوان المسلمين" هذا المؤتمر لما لاحظته من نزعة طائفية وأهداف مشبوهة واستغلال الحركة الإسلامية لصالح الأهداف الصفوية والسلطوية والاستعمارية.

ولم يشارك من الخط المعتدل في المؤتمر إلا الأمير السابق للجماعة الإسلامية بباكستان "قاضي حسين أحمد" - بعد أن زاره السفير الإيراني شخصيا أكثر من مرة وقدم له دعوة للمشاركة – بحجة أنه يبلغ صوت الحق من خلال منبر المؤتمر، وقد اشترط ضم القضية السورية في أعمال المؤتمر إلا أن أصحاب المؤتمر استطاعوا إقناعه بأن أسماء الثورات كلها ستحذف من القائمة وتدرس الثورات من دون تحديد أسماء الدول!

ركز "قاضي حسين أحمد" وعدد آخر ممن حضروا المؤتمر بنية الإصلاح في كلماتهم على الابتعاد عن ازدواجية المعايير والوقوف بجانب الشعب السوري. وكان جزاؤهم أن حذفت كلماتهم من الإعلام الصاخب ولم تذكر أسماؤهم ضمن قائمة أبرز الوجوه المذكورة في الدعاية الإيرانية التي اختصرت على:

عمار الحكيم؛ رئيس المجلس الأعلى الإسلامى – العراق، إبراهيم الجعفري؛ رئيس الوزراء العراقي الأسبق، مجيد الشيخ سفير العراق في طهران، نعيم قاسم؛ نائب الأمين العام لحزب الله اللبناني، فهمي هويدي الكاتب المصري، مع نخب من أوروبا وأمريكا والبحرين واليمن والسعودية لم تذكر أسماؤهم!

وغياب الصف الإسلامي الأول، والقيادات البارزة في الثورات العربية كان أمرا ملاحظا جدا في المؤتمر، فكل الوجوه كانت مغمورة، وقد اضطر الإعلام الإيراني أن يفسر غيابهم بأنهم لم يحضروا لئلا يستغل الغرب والإعلام الغربي صلاتهم الخفية مع إيران في الضغط عليهم!!

مع أن بعض المواقع التابعة للمخابرات الإيرانية صرحت بأن من أبرز أهداف المؤتمر تحجيم الدور التركي في المنطقة، وعدم السماح له بمنافسة إيران، وحاول إعلام المؤتمر تشويه صورة تركيا بمقالات تبين حقيقة الوقفة التركية في وجه إسرائيل"، إلا أن الخط العام في المؤتمر كان طائفيا يحاول استفزاز المنطقة، فقد خصص إعلام المؤتمر في موقعه الخاص صفحة لكل البلاد التي فيها ثورات استلهمت الثورة الخمينية في إيران – حسب زعمهم – : السعودية – اليمن – فلسطين – البحرين – مصر – ليبيا!

وقد كان حجم ما خصص للبحرين 6 صفحات، أما عناوين أخبار كل من السعودية ومصر فـ 3 صفحات، واليمن صفحتان، في حين حظ كل من فلسطين وليبيا لم يتجاوز صفحة واحدة!

"الصحوة الإسلامية" التي مثلت شعار المؤتمر لم تجد إلا صفحتين بجانب صفحة للمقالات والتحليلات وأخرى للمقاومة الإسلامية، أبرز ما فيها: معاداة إيران وسوريا جهل وحقد وانتحار غبي!

الصور التي نشرها الموقع كشفت بكل وضوح النزعة الطائفية لأصحاب المؤتمر، كما يلى:

27 صورة عن العدوان الإسرائيلي، وقد تم اختيارها بطريقة ذكية؛ وهي عبارة عن صور هجوم الجيش الإسرائيلي على المدنيين في: الحدود السورية في مسرحية النظام السوري يوم أن وجه رسالة صريحة إلى إسرائيل مفادها: ذهابنا يعني مجيء الشعب وذهاب الليالي الحمراء عن إسرائيل!!

32 صورة عن البحرين: 19 منها تحت عنوان: أحفاد يزيد يحرقون منزل أحد المواطنين في السنابس، و13 صورة تحت عنوان: هدم الأماكن المقدسة والمساجد في البحرين.

وفي محاولة يائسة لمرشد إيران علي الخامنئي للوصول إلى عاطفة الشعب المصري – من وراء غياب الوجه الإخواني – ذكر في كلمته أنه كان ينتظر ثورة في مصر منذ زمن طويل وكان يردد في نفسه بيتا لأبي فراس:   

        أراك عصي الدمع شيمتك الصبر        ***           أما للهوى نهي عليك ولا أمر

وكأن الشعب المصري كان في غفلة من أمره إلى أن وقف في ميدان التحرير وسمع المرشد الإيراني استجابة المصريين له:   

        بلى أنا مشتاق وعندي لوعة              ***          ولكن مثلي لا يضاع له سر!

وقد كانت استشهاداته في غاية السذاجة وبعيدة عن الموضوع تماما، وظل المعنى في بطن قائله!..

دعونا نتصفح في الموقع الرسمي للمؤتمر لندرك أهدافه الطائفية والصفوية ونزعته في الدعوة لإشعال حرب شعواء في المنطقة:

تقرأ في الصفحة الرئيسة باللغة العربية:

-         حرب اتهامات بتمويل سعودي وأميركي تشتعل بمصر.

-         السعودية تصارع موقف الثورات.

-         السعودية تصفي حساباتها مع مصر وتسعى لتشويه الثورة.

-         كيف أحبطت السعودية الثورات في اليمن والبحرين.

و تقرأ في الواجهة الرئيسية الفارسية:

-          تجمع عشرات الألوف من السنة والشيعة في مظاهرة إرادة الشعب.

-         اليوم نفخ دم شهدائنا (شهداء الثورة الخمينية) حياة جديدة للأمة الإسلامية.

-         مواجهة الثورة البحرينية بالسلاح الأمريكي.

-         علي عبدالله صالح ترك أمره على السعودية وتوكل عليها تماما.

-         البحرينيون يسعون إلى ميدان الشهداء.

-         هتف البكاؤون في كربلاء : الموت لآل سعود.

-         دموية الوهابية في صلاة العيد الشيعية في باكستان.

وتحت موضوع "الأيادي النجسة" في الصفحة الرئيسة تقرأ:

-         اقتربت نهاية الوهابية؛ في مواجهتهم للشيعة والسنة.

-         خوف النظام السعودي من دور مصر.

-         طمأنة واشنطن السلطة السعودية.

-         30 شهيداً في هجوم الوهابية على زوار الأئمة

و تقرأ في الصفحة المخصصة للسعودية موضوعات كثيرة من أبرزها:

-         الأجدر بالسعودية إرسال قواتها لتحرير جزيرتيها من الصهاينة بدل البحرين

-         أميرة سعودية: المملكة غير محصنة أمام رياح التغيير

-         السعودية تقمع المعارضة بذريعة مكافحة الإرهاب

-         صحف سعودية تدعم الإرهاب بأموال عراقية

-         تنظيم سري سعى للاستيلاء على السلطة بالسعودية

-         السعودية تمول جماعات وقبائل لقتل الحوثيين

-         النفط لا يجلب لآل سعود الأمن ولا يحول دون السخط الشعبي

تعني "الصحوة الإسلامية" في عقول أصحاب المؤتمر:

1.    محاربة السعودية بشتى الأساليب

2.    تشويه الثورة السورية واعتبارها ثورة صهيونية (مقالة: دور الصهاينة في أزمة سوريا)

3.    تضخيم الفتنة البحرينية وجعلها أمّ الثورات العربية. وقد سيطرت على 80% بالمائة على أعمال المؤتمر!

واستهدف المؤتمر:

1.    صناعة وجوه بديلة عن الوجوه القديمة المتعاطفة مع إيران.

2.    تخدير الشارع العربي الإسلامي بشعارات جديدة والسعي لحذف الذاكرة القديمة.

3.    محاولة الركوب على الثورات العربية وخطف بعض ثمارها والبحث عن موطن قدم بين الشعوب الثائرة في مستقبل هذه البلاد.

 

 

 
 
 
 
الاسم:  
عنوان التعليق: 
نص التعليق: 
أدخل الرموز التالية: