الطريقة الدسوقية
التأسيس
الدسوقيّة إحدى الطرق الصوفية التي تنتشر بشكل خاص في مصر، وتسمى أيضاً "البرهامية"، وقد تفرعت إلى فروع عديدة. وينتسب الدسوقيون إلى برهان الدين إبراهيم بن أبي المجد المعروف بالدسوقي، وهو عند الصوفية أحد الأقطاب الأربعة (إضافة إلى الجيلاني والرفاعي والبدوي). ويزعم أتباعها أنها خاتمة الطرق الصوفية و أكثرها انتشاراً في جميع أرجاء العالم .
ولد الدسوقي في شعبان سنة 633هـ، وتوفي في مصر سنة 676هـ([1]) (1236ـ 1277م)، وهو كبقية شيوخ الصوفية ينسب نفسه إلى آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وإلى أبناء الحسين بن علي رضي الله عنهما. وقد أحاط الدسوقيون مولد شيخهم بجملة من الخرافات منها أنه لما وضعت أمه في الليلة التالية للتاسع والعشرين من شهر شعبان، اتفق وقوع الشك في هلال رمضان، فأشار أحد المتصوفة المعاصرين للدسوقي (ابن هارون) أن ينظروا إلى هذا الصغير (الدسوقي) هل رضع في هذا اليوم، فأخبرت والدته أنه من الأذان فارق ثدييها ولم يرضع، فأرسل ابن هارون يقول لها:لا تحزني فإنه إذا غربت الشمس شرب([2]).
عقائدها
1ـ أضفوا على أنفسهم وشيوخهم صفات الربوبية التي لا تجوز إلاّ لله سبحانه وتعالى، إذ يقول الدسوقي: "أنا موسى في مناجاته، أنا علي في حملاته، أنا كل ولي في الأراضي جميعهم بيدي، خلع الفقراء ألبسهم الله ربي وربهم ورب كل شيء، أنا في السماء شاهدته، على الكرسي خاطبته، بيدي أبواب النار غلقتها، أنا بيدي جنة الفردوس فتحتها، من زارني أو زاره ـ يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ بيدي جنة الفردوس أسكنته"([3]).
2ـ جاء في بعض كلام الدسوقي ما يفيد اعتقاده بوحدة الوجود الفاسدة والتناسخ وشهود الوحدة، على نحو ما يؤمن به الصوفية، إذ يقول:
أنا الواحد الفرد الكبيـر بذاتـه أنا الواصف الموصوف بذاته
ويقول أيضا:
تجلى لي المحبوب في كل وجهة فشاهدته في كل معنى وصورة
وخاطبني مني يكشف سرائـري فقال أتدري من أنا قلت منيتي
فأنت مناي أنت أنـا أنت دائمـا إذا كنت أنت اليوم عين حقيقتي
وأنظر في مـرآة ذاتي شاهـداً لذاتي بذاتي وهي غاية بغيتـي
وما شهدت عيني سوى عين ذاتها وإن سواهـا لا يلـم بفكرتـي
بذاتي تقوم الذات في كـل ذروة أجـد فيـها حلـة بعـد حلـة
فليلى وهنـد والرباب وزينـب وعلوى وسلمـى بعدها وبثينـة
عبـارات أسماء بغيـر حقيقـة ومالوا لوحوا بالقصد إلاّ صورتي([4])
من كراماتهم المزعومة
ادّعت هذه الطريقة لشيوخها وعلى رأسهم الدسوقي، ما لا يحصى من الكرامات، ورفعوهم فوق مرتبة الأنبياء والملائكة. فقد ادّعوا أن الدسوقي لما بلغ من العمر سنة، أمسك من يحملهم الريح من أولياء الله، وأقعدهم في الأرض، ولمّا بلغ سنتين أقرأ مؤمني الجن القرآن، ولما بلغ التاسعة، فكّ طلسم السماء، ولمّل بلغ اثنتي عشرة نقل مريديه من النار إلى الجنة بإذن الله، ولمّا بلغ ثلاث عشرة سنة، جعلت الدنيا في يده كالخاتم، قلبها كيف شاء، ولمّا بلغ خمس عشرة سنة خاطب جبريل وعرف الإجمال والتفصيل، ولمّا بلغ ست عشرة جاوز سدرة المنتهى، وحصل إليه المراد وانتهى، ولمّا بلغ سبع عشرة سنة رأى ما يخطه القلم. وما خطه مما كان ويكون كرؤية أحدنا الإناء في يده"([5]).
كما ذكروا له من الكرامات أنه كان يتكلم بجميع اللغات كالسريانية والعبرانية وغيرهما، ويعرف لغات الطير والوحوش، وأنه صام في المهد، وأن قدمه لم تسعها الأرض، وأنه ملك الدنيا وصافح جبريل عليه السلام، وأن سبعة من القضاة أرادوا امتحانه فدفع لهم النقيب، فدفعهم خلف جبل قاف، وبعد سنة جاء بهم فاعتذروا.
وزعموا أن تمساحاً خطف صبيّاً، فجمع الدسوقي كل تماسيح البحر وطلب منهم أن يرجعوه حيّاً ففعلوا([6]).
انتشارها وفروعها
تنتشر الدسوقية بشكل خاص في السودان ومصر ، ومركزها في مصر مدينة دسوق، بمحافظة كفر الشيخ، وفي سوريا وتركيا واليمن، وشيخ الطريقة في مصر: محمد علي عاشور.
ومن فروعها في مصر:
1ـ الشرنوبية وشيخها محمد عبد المجيد الشرنوبي
2ـ السعيدية الشرنوبية وشيخها حمدي إبراهيم الشرنوني.
3ـ الشهاوية وشيخها محمد أبو المجد الشهاوي.
4ـ المجاهدية وشيخها عبد القادر أحمد مجاهد ([7]).
وفي السودان : تعرف بالطريقة البرهانية الدسوقية الشاذلية ، وقد استطاع شيخ الطريقة الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى أن ينشر الطريقة في جميع أرجاء السودان ومصر بالإضافة إلى افتتاح مراكز الطريقة في أكثر من سبعا وثلاثين دولة في قارات آسيا وإفريقيا وأمريكا وأوروبا،وذلك تحقيقا لنبوءة سيدى إبراهيم القرشى الدسوقى حيث قال:
ولا تنتهى الدنيا ولا أيـامها
|
|
حتى تعم المشـرقين طـريقتى
|
وتنتشر الزوايا البرهانية في السودان ومصر وليبيا وتونس والسعودية والإمارات العربية والعراق والأردن والكويت وسوريا ولبنان والصومال وباكستان. فلا توجد مدينة كبرى بألمانيا إلا و بها صرح برهاني وتوجد فى لندن وباريس وروما ونابولى وكوبنهاجن واستكهولم ونيويورك[8].
[1]) ـ ترى بعض المصادر أنه ولد سنة 653، وتوفي سنة 696هـ. والمشهور أنه عاش ثلاثا وأربعين سنة.
[2]) ـ الطرق الصوفية في مصر للنجار ص 390 نقلاً عن مخطوط لسان التعريف لجلال الدين الكركي.
[3]) ـ المصدر السابق ص 391 نقلاً عن كتاب منير.
[4]) ـ المصدر السابق ص 400 نقلاً عن الطبقات الكبرى للشعراني.
[5]) ـ الطرق الصوفية في مصر للنجار ص 390ـ 391، نقلاً عن مسرة العينين لحسن شمة.
[6]) ـ التصوف والتطرف للرجا ص 218، نقلاً عن نور الأبصار للشبلنجي.
[7]) ـ مجلة التصوف الإسلامي، العدد 304 ، ص 48.
[8] موقع الطريقة البرهانية .