سطور من الذاكرة\العدد الثالث والعشرين - جمادى الأولي 1426هـ
العقيدة الألفية تنتقل من إيران إلى الهند
الأحد 14 مايو 2006
أنظر ايضــاً...

العقيدة الألفية تنتقل من إيران إلى الهند

"العقيدة الألفية" هي واحدة من العقائد الفاسدة التي نشأت في إيران، ومنها انتقلت إلى بعض مناطق العالم، وخاصة في بلاد الهند، وفي هذه السطور نحاول التعرف على هذه العقيدة التي ظهرت في القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي)، وجاءت متزامنة مع انقضاء ألف عام من عمر الإسلام، وقدوم "ألفية" جديدة.

وتعني هذه العقيدة في نظر واضعيها انقضاء مرحلة، وبداية مرحلة أخرى، فقد اعتبروا أن مضي الألف الأول من تاريخ الإسلام يعني انقضاء نظام الإسلام، واستقبال مرحلة أخرى.

وتولى كبر هذه الدعوة الفاسدة فرقة اسمها "النقطوية"[2]) كما تدرج في دعوته، فادّعى المهدية ـ المهدي المنتظر ـ ثم النبوة.

 

وفيما يتعلق بـ "الألفية" فإن محمود البسيخواني كان يرى أنه بظهوره قد انتهى دور العرب، وابتدأ دور العجم، وبهذا انتهت صلاحية شريعة الإسلام التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم، لأن مدتها ألف عام.

وكان يرى أن مدة العالم ستة عشر ألف سنة، خلت منها ثمانية آلاف، بقي مثلها، وهو الحد الفاصل بين منتصف حياة الدنيا، وكان في الثمانية الآلاف الأولى ثمانية أنبياء مرسلون من العرب، وفي الثمانية الآلاف الأخرى سيظهر ثمانية من "المركب المبين"  (

وقبل وصول هذه العقيدة وعقائد النقطوية الأخرى إلى الهند، كانت قد انتشرت في إيران انتشاراً سريعاً، إلا أن حكام إيران الصفويين الشيعة رأوا في هذه الفرقة خطراً عليهم وعلى دولتهم، فإنهم كانوا يحاولون توحيد مذهب الدولة في التشيع وحده، ونشره وفرضه بقوة السيف، فقاموا بضرب هذه الحركة، وإبادة أتباعها عن بكرة أبيهم، واستمر اضطهادهم في عهد الشاه طهماسب الأول، والشاه خدا نبده، والشاه عباس.

وعندما أدرك أتباع المذهب النقطوي بأنه لا بقاء لمذهبهم في إيران بدأوا بالرحيل إلى الهند، ويعيشون في كنف حاكمها ـ آنذاك ـ جلال الدين محمد أكبر (

وكان الوزير أبو الفضل متشبعاً بهذه الفكرة، وأفهم الملك أنه قد مضى على الإسلام ألف سنة، وأن الدنيا مع الألف الثانية يجب أن تستأنف عهداً جديداً، فلا بد من شرع جديد، وليس في العالم لهذا المنصب الجليل" إلا هو!

ونضجت هذه العقيدة عند "اكبر" وشرع في نشرها بين الناس، وترسيخها في أنحاء دولته.ومن ثم كتب "التاريخ الألفي" على العملة التي تتداولها الأيدي، وأصدر أمراً لجمع العملات السابقة في خزانة الدولة، وإصدار عملة جديدة تحمل "التاريخ الألفي" حتى يعرف الناس أن ألف سنة من هجرة النبي صلى الله علية وسلم قد انتهت.

كما أقدم على تأليف كتاب جديد في التاريخ، يكون ناسخاً للتاريخ الهجري الإسلامي، ويكون حاوياً لأحوال جميع الملوك والسلاطين، سمّاه "التاريخ الألفي" وأسند تأليفه إلى لجنة مكونة من سبعة أشخاص، وذكروا فيه "الرحلة" أي: الوفاة بدلاً من الهجرة، وألّفوا تاريخ خمس وثلاثين سنة، ثم كلف الملك أكبر "الشيخ أحمد بن نصر الله السندي" وهو أحد كبار علماء الشيعة بإتمام هذا المشروع.

لقد كانت هذه العقيدة أحد أركان مذهب جديد أسسه الملك أكبر قام عليها وعلى عقيدة وحدة الوجود، ووحدة الأديان، وعبادة الشمس والنار، وإسقاط فرائض الإسلام، وتقديس الخنازير والأبقار، واعتناق التقاليد الهندوسية، وغير ذلك من المنكرات التي تبناها الملك أكبر الذي كان يتبنى وحدة الأديان، وصارت من أسس مذهبه الجديد، الذي أصطلح على تسميته "المذهب الأكبري".

لقد أثرت عوامل عديدة في تشكيل الملك أكبر لمذهبه الجديد. والذي شكلت "العقيدة الألفية" الفاسدة إحدى أركانه، فإضافة إلى تأثره بالنقطويين، وعلماء السوء، والتأثير الهندوكي، والزردشتي، نشير إلى التأثير الشيعي البارز في تشكيل هذا المذهب الفاسد.

فلقد ورث الملك أكبر هذا التأثير من والده "همايون بن بابر"، فهذا الأخير، لم يتمكن من الصمود أمام هجمات فريد خان الأفغاني، المعروف بـ " شير شاه السوري"، المتوفى سنة 952هـ، فاضطر إلى مغادرة الهند، واللجوء إلى إيران، وطلب المساعدة من الشاه طهماسب الصفوي، الذي أحسن استقباله وساعده لمحاربة شير شاه، والانتصار عليه، واسترداد ملكه.

ويذكر المؤرخون أن الشاه الصفوي لم يمد يد العون إلى همايون إلاّ بعد أن أخذ عليه العهد بمؤازرة التشيع. واختلفوا فيما إذا كان همايون اعتنق التشيع أم لا، لكنهم اتفقوا على أنه أذن بنشره بين السنة الهنود، وفتح أبواب الهند أمام علماء الشيعة المهاجرين من إيران، ليبثوا نزعاتهم تحت حماية الدولة في عهده، وعهد من جاء بعده، أما الملك أكبر ، فلقد كان التأثير الشيعي عليه واضحاً، إذ أنه تبوأ الملك وهو صغير لا يتجاوز الثالثة عشره، فناب عنه أمير شيعي اسمه "بيرم خان" بضع سنين. وصار بيرم هذا يصرف أمور الدولة.

وكان الشيعة في مقدمة من يشاركون في المباحثات الدينية في "عبادات خانة"(

 



 
 
 
 
الاسم:  
عنوان التعليق: 
نص التعليق: 
أدخل الرموز التالية: