سطور من الذاكرة\العدد الثاني والأربعين - ذو الحجة 1427 هـ
الشاه إسماعيل الصفوي , جزار , خمار , زير نساء
الأحد 24 ديسمبر 2006
الشاه إسماعيل الصفوي , جزار , خمار , زيرنساء
  صباح الموسوي
صنع الطائفيون والشعوبيون الإيرانيون للشاه إسماعيل الصفوي  هالةمقدسة  فاقت هالة  الملك كورش الإخميني في التلمود اليهودي . حيث جعلوه  بمنزلةنائب  الإمام " المعصوم " والحاكم باسمه على الرغم من انه لم يكن من ألفقها وليسحتى من الحكام العدول .وهذه المنزلة التي أعطت لإسماعيل الصفوي آنذاك هي ذاتالمنزلة التي تطورت  فيما بعد إلى نظرية الولي { الفقيه العادل: نائب الإمامالمهدي} المتعارف عليها اليوم في ايران والمسماة بولاية الفقيه . 
ولكن من هوإسماعيل الصفوي , هذا الرجل الذي تمكن أن يبني دولة إيرانية جديدة طالما حلم  الكثير من قادة الشعوبيين  قبله  في بنائها؟
أنه إسماعيل بن حيدر بن صفي الدينالاردبيلي الذي ولد من أب ذو أصول  تركية أذرية وأم ارمنية. ظهر في مطلع القرنالعاشر الهجري، ونجح لأول مرة سنة (907هـ = 1502م) في إقامة دولة شيعية اثني عشريةفي  تبريز عاصمة أذربيجان.
كان جده صفي دين الاردبيلي  سني على مذهب الإمامالشافعي وكان معروفا بتصوفه على الطريقة البكتاشية  وكان عضو في المجلس السني - الشيعي المشترك الذي أسسه السلطان خدا بندة التركماني حاكم إيران  و الذي ضم فيعضويته فقيه الشيعة في العراق آنذاك العلامة الحلي.( تاريخ إيران ـ المجلد السادس ـص 616.(
قبل خمسمائة عاما تقريبا وعندما كانت إيران  تخضع لسلطة الايليخانيينالتركمان شهدت المناطق الاذرية في غرب ايران ظهور قوة جديدة اغتنمت فرصة عدم وجودسلطة عثمانية في تلك المناطق وضعف قوة الايلخانيين لتقوم بحركة تمرد تهدف إلى إقامةدولة مستقلة تحمل مذهبا مغايرا للمذهب السني السائد في بلاد فارس آنذاك. وقد عمدقائد تلك الحركة " إسماعيل الصفوي " الى المزج بين شطحات الصوفية وخرافة  المذهبالجديد ليصنع لنفسه نسبا آخرا يصله بالنبي محمد ( صلعم)  وهو نسب " السيدية " بديلاعن القزلباشية الذي كان يعرف به .
 { و هذا التغيير المفاجئ  في النسب والمذهب  حسبرأي  الكاتب و الباحث الإيراني إسماعيل نوري  لم يجد المؤرخون الإيرانيونوالمستشرقون لحد الآن جوابا له وهو كيف ولماذا  قرر الصفويون تغيير لقبهم من الشيخالى السيد واختاروا لدولتهم مذهب التشيع الأثني عشري  رغم أنهم كانوا على مذهب أهلسنة).

 
وفي احد ليالي الجمعة من ربيع عام 908- 1501م والتي كان من المقرر أنيعلن في صبيحتها تتويجه ملكا و المذهب الشيعي بديلا للمذهب السني السائد في تلكالمناطق, حضر عدد من أمراء  القزلباش( أصحاب القبعات الحمر من قبائل التركمان الذينشكلوا جيش التمرد الصفوي ) حضروا لدى  إسماعيل الصفوي و ابلغوه  عن توجسهم منإمكانية حدوث ردود أفعال  من قبل أهالي تبريز الذين كان عددهم يزيد على الثلاثمائةألف جميعهم من أهل السنة إذا ما سمعوا بالخطبة الشيعية الجديدة  التي تقرر أن تتضمنالأذان " بـ أشهد أن علياً ولی الله و " حی علی خير العمل "  ويرفضوا أن يكون الملكشيعيا .

فرد عليهم قائلا " إني لا أخشى أحدا و إذا ما حدث واعترضت الرعية فانيسوف اجرد سيفي من غمده و بإذن الله لن ادع احد منهم حيا. ( كتاب عالم آراء الصفويةص - 64 ص).
و في صباح الجمعة توجه إسماعيل الصفوي  إلى الجامع وقد انتشر جنودالقزلباش بين صفوف المصلين  ثم اعتلى المنبر  وجرد سيفه من غمده وأشار إلى شيخ يدعى " مولانا احمد الاردبيلي " وكان ملما بالعقائد والفقه الشيعي , وكان قد جيء به منخارج تبريز حيث لم يكن في تبريز آنذاك عالم شيعي واحد ,  أشار إليه أن يصعد المنبرويلقي الخطبة وكان هو يقف إلى جانبه . وما أن بدأ الشيخ خطبته حتى تعالى الهمس بينالمصلين فقسم منهم حين رأوا الجنود فوق رؤوسهم قالوا لله درك  من خطيب ! أما القسمالأخر فشان عليهم الأمر فقاموا ليخرجوا من الجامع غير أن إسماعيل الصفوي أشار إلى  جنود القزلباش أن يطلبوا منهم إعلان التبرؤ و المولاة ( التبرؤ من الخلفاء الراشدينالثلاث وإعلان المولاة لعلي بن أبي طالب)  فمن فعل نجى ومن امتنع تدحرج رأسه  بينقدميه.
وعلى الرغم من أن أهالي تبريز لم يبدو مقاومة تذكر في مواجهة الجيشالصفوي إلا أن جنود القزلباش قاموا بمذبحة شنيعة في المدينة لم تسلم منها النساءوالأطفال. كما أنهم عمدوا إلى نبش قبر السلطان يعقوب آق قویونلو التركماني وقبورسائر الأمراء في المدينة وحرقوا بقايا جثثهم . (سفرنامه ونيزيان در ايران: ترجمة منوچهر أميري ـ ص 408 ) .

وعلى هذه المنوال  واصل إسماعيل الصفوي توسيعدائرة سلطانه ونشر مذهبه الجديد بين الأقاليم الإيرانية التي أخذت تتساقط الواحدةتلو الأخرى تحت شدة بطشه .
و يشير صاحب كتاب «أحسن التواريخ»  إلى مذابح السنةفي مدينة«ش?ی» في غرب إيران ومذبحة  الشيروانيين وإحراق جثت شيخهم , فرخ يسار, وبناء منارة من جماجم القتلى في المدينة. ويذكر أيضا هجوم القزلباش على قلعة باكووالقيام بمذبحة فجيعة بين أهالي القلعة وإحراق جثث الموتى و أبادت  ثمانية عشر ألفامن جيش الأمير عثمان  آق قويونلو بعد استسلامهم.
كما هاجم إسماعيل الصفويبغداد عام 913هـ وارتكاب أفظع المجازر وأباح مقام الإمام أبو حنيفة النعمان ونبشقبره .
و في عام 914هـ هاجم الأحواز وأطاح بدولة المشعشعيين  بعد مذبحة دامية  لا تقل بشاعة عن مذابحه السابقة في تبريز وبغداد وغيرها.
و من بين  مذابح عام 915هـ  يمكن ذكر مذبحة شيراز و مذبحة مازندران التي راح ضحيتها أكثر من عشرة آلاف , بالإضافة  قتل أكثر من سبعة آلاف من أهل السنة في مدينة يزد وسط إيران مرورا بأعمالالقتل و السلب والنهب التي شهدتها على يده مدينة اصفهان التي تحولت فيما بعد إلىعاصمة الصفويين .
 وفي  عام  916 هـ ارتكب مذبحة مرو التي قتل فيها أكثر من احدعشر ألفا بعد حربه مع " شيب? خان التركماني"  الذي قام جنود القزلباش بتقطيعه واكلهأمام أهل المدينة.
 
وفي عام 917 هـ قتل خمسة عشر ألفا من سكان قلعة القرشي تلكالمجزرة التي لم يسلم منها النساء والأطفال والكلاب والقطط .
وفي نفس العامهاجم  هرات وقام بقتل زعمائها وفقهائها , كما هاجم بادغيس وقام بارتكاب مجزرة فضيعةفيها . ( مصدر سابق ).
 وينقل الباحث الإيراني" الدكتور  إسماعيل نوري " عن صاحبكتاب " تاريخ الأدبيات الإيرانية" أن الشاه إسماعيل كان شديد الحساسية بنسبةللعلماء والفنانين  وسائر المفكرين.
وكان من سيرته انه كان يطلب منهم القول " بأشهدوان عليا ولي الله " فمن يلفظها  يطلق سراحه ومن يرفض يقطع رأسه أو يلقى به  فيالنار. ويضرب مثالا على ذلك قصة قتل اثنين  من أهل العلم والفضيلة من علماء السنة  في شيراز وأصفهان وهما العلامة القاضي  مير حسين مبيدي  والعلامة الأمير غياث الدينمحمد الأصفهاني اللذين قتلى شر قتلة نتيجة  رفضهم سب الخلفاء الثلاثة  .
ولعلهذه المجازر وغيرها هي من كانت وراء تحرك الدولة العثمانية بقيادة السلطان سليمالأول لمهاجمة الدولة الصفوية وإنقاذ أهل السنة من الإبادة الكاملة

ولكنالسؤال الذي قد يخطر في بال المتتبع  هو إذا كان اليهود قد برروا وصفهم لكورشالإخميني بأنه نبي مرسل وذلك بسبب إنقاذه دهاقنتهم  من الأسر البابلي , على الرغممن علمهم أن كورش هذا كان قد قتل زوج خالته وتزوج بها لكي يصبح وريثا للعرش بعد موتجده لامه ,  فما هي المبررات التي دفعت بمراجع الطائفية  والشعوبية الإيرانيةإلىإصباغ هذه القدسية على إسماعيل الصفوي  الذي يصفه ابنه طهماسب بأنه جزار و شارب خمروزير نساء.
وقد جاء ذلك في رسالة بعث بها الشاه طهماسب الأول بن إسماعيلالصفوي إلى السلطان  سليمان القانوني بن سليم الأول  يقول له فيها , إن أبي حين دخلمع أبوك الحرب في معركة جالديران  كان سكرانا في ذلك اليوم ولم يكن لوحده في حالةسكر بل إن قائده  " دورميش خان وسائر أمراء الجيش بل إن اغلب الجيش كان في حالة سكر .
وقد تحدثت الكثير من المصادر التي اختصت بدراسة أحوال  مولوك الصفوية  أنالشاه إسماعيل كان  شارب للخمر وكان حليق اللحية و يحب مجالس اللهو والرقص  وبعد أنفتح هرات طلب أن تلبس نسوتها الزينة وتخرج راقصة لاستقباله       

ولكن على الرغم منكل هذه الرذيلة بقي الطائفيون والشعوبيون يمجدونه وبقي في أعينه الحاكم بنيابة عنالإمام الغائب !.
 
 
 
 
 
 
الاسم:  
عنوان التعليق: 
نص التعليق: 
أدخل الرموز التالية: